الثلاثاء، 18 فبراير 2014

بين الحرية والانتماء



نشر فى البديل بتاريخ 11-11-2012 
http://elbadil.com/2012/11/11/69883/
 
من أهم القيم المجردة التى اهتم بها الإنسان ، هى قيمة الحرية ، حتى إن تلك القيمة وحدودها وما تتقيد به من ضوابط تكوينية تتعلق بتركيبة الإنسان نفسه ، أو ضوابط اعتبارية تفرضها ظروف المجتمع وعاداته وقوانينه كانت مثار بحث العديد من المفكرين والفلاسفة حتى وصل الأمر إلى الكلام حول مسألة حرية الاختيار للإنسان وهل هو مخير أم مسير أم أنه وسط بين الأمرين مثلما يؤمن الفلاسفة الإلهيون وبعض المتكلمين حاليا ..
هذا التناول الفلسفى للحرية – رغم أهميته - يختلف عما أود أن أقوله الآن ، فشعور الإنسان بقيمة الحرية يتجلى حسب اعتقادى فى أن يكون حرا فى تفكيره واعتقاده وغير تابع لكثير من المؤثرات التى توجه تفكيره إلى منحى لايمت بصلة للواقع من حوله .. أقول ذلك ونحن نتابع الكثير من برامج التوك شو والبرامج التحليلية والأخبار وتصريحات السياسيين والإعلاميين والتى تحوى فى كثير منها آفة التبعية السوداء والبغيضة لآراء مجموعات بعينها طالما تحمل نفس الأيدولوجيا ، والتمسك والانقياد الأعمى برؤى الجماعة أو المجموعة التى ينتسب إليها هؤلاء .. ولا أدرى لماذا عندما تقال كلمة " جماعة " يتبادر لذهن البعض مصداق واحد لها وهى جماعة الاخوان المسلمين والتى طالما أن لها مرشد فإن باقى أفرادها ينقادون انقيادا أعمى لذلك الشخص الواسعة صلاحياته ، والحقيقة أن تجسيد البعض لمفهوم " الانقياد الأعمى " وحصره فى جماعة الاخوان هو فى حد ذاته تسطيح للقضية ذاتها ، لأن التبعية العمياء آفة موجودة فى كل التيارات والحركات السياسية ولكن بمنظور مختلف ، فالحركات والمجموعات الليبرالية فى الوقت ذاته يتبنى أغلب شبابها نفس موقف " المنظرين " فى مسألة أو موقف معين ولا ننسى عندما أعلن عدد من قادة الأحزاب الليبرالية تأييدهم للفريق أحمد شفيق سائقين أدلة واهية قد يسوق أحد المقاطعين للانتخابات أدلة أقوى وأرشد منها .. ووجدنا عددا من الشباب ممن قد شاركوا فى الثورة يدا بيد مع شباب الاخوان ، وقد مدوا أيديهم صوب أيدى قاتلة وملوثة بدماء أصدقائهم فى التحريرومحمد محمود ومجلس الوزراء  وباقى الميادين .. هذا نموذج للانقياد الأعمى والعصبية التى أجدها قد ضاهت نفس النموذج عندما عمد كثيرون من شباب الاخوان للدفاع عن موقف قادتهم فى أحداث محمد محمود وتبعات اختيار حكومة الجنزورى ..
ورغم أهمية خلود الإنسان إلى تكوين جماعات والانتماء إليها ، لأنه كما يشير أرسطو أن الإنسان كائن اجتماعى ، إلا أن الانتماء لأى جماعة أو مجموعة تحمل نفس الأيدولوجية والفكر الذى اختاره الإنسان ، لا ينبغى أن يسلب حرية العقل والتفكير لكل فرد من أفراد المجموعة ، تلك الحرية الفكرية تجعل من أفراد المجموعة حراسا حقيقيين لأفكار ومبادئ المجموعة وتجعل عقولهم تراقب عن كثب مدى حيود قادتهم عن تلك المبادئ والأسس المشتركة للجماعة أو المجموعة .. وإلا .. فمن منطلق التبعية الحقة للمبادئ والقيم المشتركة ينبغى على تلك الأفراد أن يتبنوا مواقف مغايرة لما عليه جماعاتهم طالما تبينوا وتثبتوا من وجود ذلك الإخلال والحيود من قادتهم جليا متحققا بكل وضوح .. وقد رأيت ذلك متحققا من مجموعات من الشباب – من مختلف الاتجاهات - رفضت تبنى رأى قادتها رفضا قائما على مبادئ حقة وأصيلة .. وتلك فى رأيي هى الحرية الحقيقية والتى تتجسد فى إحساس الفرد بعدم تبعيته إلا لعقله ومبادئه الأخلاقية والإنسانية رغم انتمائه لأحزاب أو مجموعات تحمل أيدولوجية معينة .
ولكن على الجانب الآخر المناقض تماما لمسألة الانقياد والتبعية ، فإن ثمة بعض المتحررين وبسبب سلوكيات وممارسات خاطئة لجماعات سياسية ، قد فقدوا إيمانهم بضرورة الانتماء الاجتماعى واستبدلوا تلك الفطرة الإنسانية بالفردية المطلقة وأعتبروا انفسهم " أحرارا " ومادونهم عبيد مساكين وأسرى للتبعية أيا كان نوعها ، بل واعتبروا أن الخلاص من كل أنواع القيود والتبعيات هى الحرية الحقيقية واللذة بعينها .. رغم أن تلك النظرة المتطرفة فى ضرورة إطلاق الحرية لا تنسجم مع ما أبداه منظرو الليبرالية من تحفظ حول مبدا " الحرية المطلقة " .. فمفكر مثل جون لوك مثلا  يعتبر العقد الاجتماعى بين الأفراد لنشوء الدولة هو عقد تم برضا الناس وفيه يتنازلون عن حريتهم الطبيعية وحقهم فى تفسير وإعمال القانون الطبيعى ، بل وتسليم ذلك الحق فى يد سلطة الدولة التى لها صلاحية تنفيذ القوانين وسلب المواطنين تلك الحرية .. واعتبر لوك ومن قبله توماس هوبز أن تلك الحالة من التنازل عن قدر من الحرية وبالتالى الانصياع لقيود الدولة تتم فى مقابل تحقيق السلم والأمان ودرأ الخطر والمحافظة على الممتلكات .. إذن  فالإنسان يتنازل عن نسبة من حريته المطلقة من أجل هدف أقوى وأسمى من ذلك القدر من التحرر الذى يقيده الإنسان طواعية ، بل إن التبعية للأخلاق والقيم والمثل العليا ومن ثم ، التبعية والعبودية للإله الواحد المستحق للعبادة ، مصدر تلك الكمالات الأخلاقية ومنبعها وأساس كل خير ، هذه التبعية هى من تجعل الإنسان " إنسانا " وتحيل قيد عقله ومبادئه إلى جسر حقيقى موجب للكمال والسعادة ، بل إننى على يقين أن عددا ممن يطلقون على أنفسهم " متحررون" قد وقعوا أسرى لمتطلبات شهواتهم وتفسدهم الأخلاقى .. فإن كان اختيار القيد واجبا عليك  والتنازل عن بعض من حريتك ضروريا فاختر أيها الإنسان من يقودك .. عقلك ومبادؤك أم شهوتك وغرائزك؟ أن تكون إنسانا أم .. غير ذلك !؟

من أهم القيم المجردة التى اهتم بها الإنسان، هى قيمة الحرية، حتى إن تلك القيمة وحدودها وما تتقيد به من ضوابط تكوينية تتعلق بتركيبة الإنسان نفسه، أو ضوابط اعتبارية تفرضها ظروف المجتمع وعاداته وقوانينه كانت مثار بحث العديد من المفكرين والفلاسفة حتى وصل الأمر إلى الكلام حول مسألة حرية الاختيار للإنسان وهل هو مخير أم مسير أم أنه وسط بين الأمرين مثلما يؤمن الفلاسفة الإلهيون وبعض المتكلمين حالياً.
هذا التناول الفلسفى للحرية – رغم أهميته – يختلف عما أود أن أقوله الآن، فشعور الإنسان بقيمة الحرية يتجلى حسب اعتقادى فى أن يكون حراً فى تفكيره واعتقاده وغير تابع لكثير من المؤثرات التى توجه تفكيره إلى منحى لا يمت بصلة للواقع من حوله.. أقول ذلك ونحن نتابع الكثير من برامج التوك شو والبرامج التحليلية والأخبار وتصريحات السياسيين والإعلاميين والتى تحوى فى كثير منها آفة التبعية السوداء والبغيضة لآراء مجموعات بعينها طالما تحمل نفس الأيدولوجيا، والتمسك والانقياد الأعمى برؤى الجماعة أو المجموعة التى ينتسب إليها هؤلاء.. ولا أدرى لماذا عندما تقال كلمة “جماعة” يتبادر لذهن البعض مصداق واحد لها وهى جماعة الإخوان المسلمين والتى طالما أن لها مرشد فإن باقى أفرادها ينقادون انقيادا أعمى لذلك الشخص الواسعة صلاحياته، والحقيقة أن تجسيد البعض لمفهوم “الانقياد الأعمى” وحصره فى جماعة الإخوان هو فى حد ذاته تسطيح للقضية ذاتها، لأن التبعية العمياء آفة موجودة فى كل التيارات والحركات السياسية ولكن بمنظور مختلف، فالحركات والمجموعات الليبرالية فى الوقت ذاته يتبنى أغلب شبابها نفس موقف “المنظرين” فى مسألة أو موقف معين ولا ننسى عندما أعلن عدد من قادة الأحزاب الليبرالية تأييدهم للفريق أحمد شفيق سائقين أدلة واهية قد يسوق أحد المقاطعين للانتخابات أدلة أقوى وأرشد منها.. ووجدنا عدداً من الشباب ممن شاركوا فى الثورة يداً بيد مع شباب الاخوان، وقد مدوا أيديهم صوب أيدى قاتلة وملوثة بدماء أصدقائهم فى التحرير ومحمد محمود ومجلس الوزراء  وباقى الميادين.. هذا نموذج للانقياد الأعمى والعصبية التى أجدها قد ضاهت نفس النموذج عندما عمد كثيرون من شباب الإخوان للدفاع عن موقف قادتهم فى أحداث محمد محمود وتبعات اختيار حكومة الجنزورى.
ورغم أهمية خلود الإنسان إلى تكوين جماعات والانتماء إليها، لأنه كما يشير أرسطو أن الإنسان كائن اجتماعى، إلا أن الانتماء لأى جماعة أو مجموعة تحمل نفس الأيديولوجية والفكر الذى اختاره الإنسان، لا ينبغى أن يسلب حرية العقل والتفكير لكل فرد من أفراد المجموعة، تلك الحرية الفكرية تجعل من أفراد المجموعة حراساً حقيقيين لأفكار ومبادئ المجموعة وتجعل عقولهم تراقب عن كثب مدى حيود قادتهم عن تلك المبادئ والأسس المشتركة للجماعة أو المجموعة.. وإلا.. فمن منطلق التبعية الحقة للمبادئ والقيم المشتركة ينبغى على تلك الأفراد أن يتبنوا مواقف مغايرة لما عليه جماعاتهم طالما تبينوا وتثبتوا من وجود ذلك الإخلال والحيود من قادتهم جلياً متحققا بكل وضوح.. وقد رأيت ذلك متحققاً من مجموعات من الشباب – من مختلف الاتجاهات – رفضت تبنى رأى قادتها رفضاً قائماً على مبادئ حقة وأصيلة.. وتلك فى رأيي هى الحرية الحقيقية التى تتجسد فى إحساس الفرد بعدم تبعيته إلا لعقله ومبادئه الأخلاقية والإنسانية رغم انتمائه لأحزاب أو مجموعات تحمل أيديولوجية معينة.
ولكن على الجانب الآخر المناقض تماماً لمسألة الانقياد والتبعية، فإن ثمة بعض المتحررين وبسبب سلوكيات وممارسات خاطئة لجماعات سياسية، قد فقدوا إيمانهم بضرورة الانتماء الاجتماعى واستبدلوا تلك الفطرة الإنسانية بالفردية المطلقة واعتبروا أنفسهم “أحراراً” وما دونهم عبيد مساكين وأسرى للتبعية أياً كان نوعها، بل واعتبروا أن الخلاص من كل أنواع القيود والتبعيات هى الحرية الحقيقية واللذة بعينها.. رغم أن تلك النظرة المتطرفة فى ضرورة إطلاق الحرية لا تنسجم مع ما أبداه منظرو الليبرالية من تحفظ حول مبدأ “الحرية المطلقة”.. فمفكر مثل جون لوك مثلاً  يعتبر العقد الاجتماعى بين الأفراد لنشوء الدولة هو عقد تم برضا الناس وفيه يتنازلون عن حريتهم الطبيعية وحقهم فى تفسير وإعمال القانون الطبيعى، بل وتسليم ذلك الحق فى يد سلطة الدولة التى لها صلاحية تنفيذ القوانين وسلب المواطنين تلك الحرية.. واعتبر لوك ومن قبله توماس هوبز أن تلك الحالة من التنازل عن قدر من الحرية وبالتالى الانصياع لقيود الدولة تتم فى مقابل تحقيق السلم والأمان ودرأ الخطر والمحافظة على الممتلكات.. إذن  فالإنسان يتنازل عن نسبة من حريته المطلقة من أجل هدف أقوى وأسمى من ذلك القدر من التحرر الذى يقيده الإنسان طواعية، بل إن التبعية للأخلاق والقيم والمثل العليا ومن ثم التبعية والعبودية للإله الواحد المستحق للعبادة، مصدر تلك الكمالات الأخلاقية ومنبعها وأساس كل خير، هذه التبعية هى من تجعل الإنسان “إنساناً” وتحيل قيد عقله ومبادئه إلى جسر حقيقى موجب للكمال والسعادة، بل إننى على يقين أن عدداً ممن يطلقون على أنفسهم “متحررون” قد وقعوا أسرى لمتطلبات شهواتهم وفسادهم الأخلاقى.. فإن كان اختيار القيد واجباً عليك والتنازل عن بعض من حريتك ضرورياً فاختر أيها الإنسان من يقودك.. عقلك ومبادئك أم شهوتك وغرائزك؟ أن تكون إنساناً.. أم غير ذلك!؟

Read more at http://elbadil.com/2012/11/11/69883/#JZFSBZGvygsetu2q.99

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق