الثلاثاء، 18 فبراير 2014

حاسبوا أنفسكم


21-12-2012 
باختصار شديد جدا هى حلقة مفرغة تحكم العلاقة بين ظالم لا يستطيع فرض سيطرته على البلاد ويتصرف فى كثير من الأحيان بغباء وقلة وعى .. وبين كثير من المظلومين ممن يتمنون رحيل هذا النظام الظالم ولكنهم وللأسف لايستطيعون توحيد كلمتهم بسبب طعن كل منهم فى الآخر وافتراض سوء النية ، بل إن بعضهم يفضل الحوار وعقد الصفقات مع النظام الظالم على أن يوحد كلمته مع أخيه المظلوم !!
هى حالة واحدة تنطبق على الأحداث فى مصر منذ رحيل مبارك وبقاء المجلس العسكرى وحتى الآن .. وأخيرا وبعد الانتهاكات اللاإنسانية واللاأخلاقية التى يرفضها الأديان والأعراف والقوانين الدولية والتى فعلها أفراد من الجيش بشبابنا وبناتنا فأشعلت الأحداث أكثر وأكثر .. ظهرت مبادرة أكثر عقلانية تحمل بصيصا من الأمل نحو حل سياسى يحتاج لمزيد من الضغط الشعبى لا أكثر وتوحد الأطياف الوطنية والقوى السياسية عليه .. المبادرة والتى وصفها بعض القانونيين والمستشارين بأنها دستورية تتلخص فى أن يسلم المجلس العسكرى السلطة إلى رئيس البرلمان القادم بعد انعقاد أولى جلساته ويتعهد بعدها رئيس البرلمان بإجراء انتخابات رئاسية فى مدة لاتزيد عن ستين يوما حتى لانقع فى فخ فترة انتقالية أخرى بعد أن عانينا ويلات طول تلك الفترة الانتقالية
بكل منطقية وعقلانية .. الكل أصبح مجتمعا على رأى واحد فى مصر : المجلس العسكرى لايصلح لإدارة الدولة ولو ليوم واحد .. وسواء أكان ضالعا فى قتل الثوار بشكل متعمد أو كان لايعلم شيئا عن أيادى خارجية أو طرف ثالث مثلما يقول فإنه قد وقع فى احدى حالتين : إما تعمد القتل والمؤامرة على الثورة وهى بمثابة الخيانة العظمى التى تستوجب محاكمة كل أعضاء ذلك المجلس ، أو الإهمال والتقصير فى محاسبة الجناة وهى بمثابة عدم القدرة على فرض السيطرة الأمنية والإدارية والمعلوماتية على البلاد مما يوقعنا فى حالة من الفوضى نستنتج منها عدم أهلية المجلس العسكرى على إدارة البلاد .. وبالتالى فما بين الخيانة وعدم الأهلية اتفاق بين أصحاب الرؤيتين على أن يرحل المجلس العسكرى سريعا ، وسريعا جدا لأن وجوده بات مرتبطا بالدم والعنف ناهيك عن سمعة الجيش المصرى الذى وجه أفراده أسلحتهم نحو الشعب وتبعاته التى لن تمحوها السنوات القادمة بيسر وسهولة
وبكل منطق وحكمة ويسر فإن أحدا من أشد المتشائمين لن يتوقع أن تكون المبادرة المذكورة آنفا محل أى نقد أو اختلاف بين الأطياف السياسية والبرلمانيين فضلا عن الثوار أنفسهم .. فالظرف الذى فرض تلك المبادرة وقت مناسب والمبادرة عبقرية وقد تقلل كثيرا فى الفجوة الحاصلة بين السياسيين والثائرين بعضهم البعض من جهة ، وبين الشعب المصرى المحب للشرعية والعاشق للروتين القانونى من جهة أخرى وبين الإسلاميين والذين يرى بعضهم أن الشرعية تستمد من البرلمان وليس التحرير ورجاله من جهة مختلفة .. ومما يزيد من قوة المبادرة أن المجلس العسكرى بالفعل بات فى أضعف حالاته الأمنية والسياسية حيث بات مفضوحا داخليا قبل ان تفضحه وسائل الإعلام الغربية حتى أن هيلارى كلينتون والمفترض أنها لم تضغط على العسكرى منذ استلامه للسلطة بمصر كضغطها على نظم أخرى (مما يحيط بالشكوك حول تنسيق أمريكا مع المجلس العسكرى) هاهى الآن تقف – بعد أن أحرجتها صحف العالم – منادية لحقوق المرأة المصرية وداعية المجلس العسكرى للبعد عن المنهج اللاإنسانى فى التعامل مع الشعب المصرى (وكأن الشعب المصرى بات الأمريكيون يهتمون به الآن وفجاة بعد الثورة المصرية)
ولكن لأننا فى مصر هنا نعانى من غياب التفكير والمنطقية فى تحليلات كثير من القوى السياسية ، فقد نتفاجئ فى الأيام القليلة القادمة ببعض الكيانات السياسية ترفض المبادرة تحت حجج واهية ولامنطقية بالمرة وتحت خوف غير مبرر سواء من المجلس العسكرى بأن يكون موقفه ورد فعله هو إلغاء المرحلة الثالثة من الانتخابات أو قد يكون الخوف من جهة أخرى بأن رئيس البرلمان الذى سيوكل إليه صلاحيات الرئيس سيكون من الإسلاميين قطعا وبالتالى سيتصرف مثلما يريد .. بالتالى فدورنا الآن قبل أن يبدأ الاستقطاب من جديد وتعود لغة التخوين إلى سابق عهدا أن نراهن وكالعادة على الشارع وكلمة الثوار .. فالشارع فى بداية الثورة هو الذى خلق المعجزة وجمع كل هؤلاء فى بوتقة واحدة ، وهاهو الآن مضطر بأن يمارس ويمارس الكثير من الضغوط ويتحمل القتل والإهانة وهتك العرض فقط من أجل أن يجتمع السياسيون !! فقط من أجل أن يوافق الاخوان المسلمون على تلك المبادرة ويتوافق عليها التيارات الليبرالية الأخرى أيضا
رسالة إلى الجميع .. أرجوكم حكموا عقولكم وتوحدوا ودعوا سوء نياتكم وتخوينكم لبعضكم البعض فالمستفيد الأكير هو المجلس العسكرى والخاسر الأعظم هو الثائر الذى بح صوته وفقد عينيه وهتك عرضه وشرفه .. أفيقوا قبل أن توقظكم أمواج الدماء وحاسبوا أنفسكم قبل أن يحاسبكم التاريخ .. وقبل أن تحاسبوا !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق