الجمعة، 28 نوفمبر 2014

ليالى طوال !


ليالى طوال
بفكر فيك وعايشها بمليون حال
ليالى طوال
بحيا فيها عالذكرى .. وقلنا وقال

ليالى طوال
بعانى فيها من بُعدك
مليش فى الدنيا شيء بعدك
قول لى ازاى تعيش وحدك
.. وخالى البال ؟
ليالى طوال ..
.......................

ليالى طوال
قدرت ازاى تعيش تانى .. وتحرمنى
ليالى طوال
ياريت لوحتى تنسانى .. تعلّمنى

ليالى طوال
ولو فى كلامى بتكذّب
فمش زيي بتتعذب
تعالى نعدها ونحسب
وجع مين طال ؟

ليالى طوال ..

عن الإرهاب ومواجهته 3

منشور بالبديل الأسبوعى بتاريخ 26/11/2014
وعلى هذا الرابط
كيف نقضى على الإرهاب الذى ماعاد تهديدا خارجيا فحسب، بل ونبت داخلى ينمو بقوة ويهدد أمننا القومى بشكل متسارع ؟
أولا : قبل أى مواجهة ينبغى أن نوجه سؤالا لأنفسنا. هل نظامنا الحالى بأدواته الأمنية والقضائية والإعلامية والنخبوية ومؤسساته الدينية ومنظماته المجتمعية يتسم بالعدالة فى حكمه على الآخر وتقديمه البديل وإجراءاته وأدواته فى المواجهة؟ قطعا الإجابة بلا وقد تحدثت عنها تفصيليا متناولا الشق الأمنى وملمحا إلى خلل قانونى " قانون التظاهر " وكذلك سياسي سواء فى التعامل مع جماعة الاخوان ومؤيديها والمتعاطفين معها بشكل واحد ومساواتهم بالإرهابيين الحقيقيين، بل وخارجيا التنسيق مع الأمريكى والسعودى من أجل المواجهة سويا لتيارات التكفير الداعشي !
أما على المستوى النخبوى فلا يمكن لضابط شرطة يظهر فى الأجهزة الإعلامية  وهو يقرأ كتابات سيد قطب ويحللها من الناحية " الفكرية " ويوضع أوجه الخلل الفلسفى فيها؛ أن يكون مقنعا لشباب ينهمك فى قراءة كثير من أفكار مفكرين وفلاسفة آخرين. ومقارنة ماوصلوا إليه من قراءات وأفكار مع عقل هذا الشرطى المتقاعد يتجاوز المسافة الضوئية بين الأرض والشمس ! ولايمكن لبعض العلماء الأزهريين الرافعين شعارات مواجهة الفكر " الوهابى " أن يحظوا بالمصداقية والمقبولية ومنهم من كان يطبل لنظام مبارك السابق ويصف رئيس الجمهورية الحالي بأنه مبعوث الرحمة الإلهية كما المسيح، بل والبعض الآخر من المعتادين على الجلوس فى موائد السعودية وضيافة خادم الحرمين ! وآخرين وصل بهم الحال إلى القطيعة مع الجانب السعودى والجلوس على المائدة الإيرانية .. وكأن إدمان الجلوس على الموائد مرض لم يستشفوا منه بعد ! هل هؤلاء وأمثالهم من إعلاميين، نعرف جميعا تاريخهم القريب قبل البعيد، قادرون على مواجهة الأفكار المتطرفة وإيجاد الطرح البديل الذى يروى ظمأ الشباب الجائع للمعرفة والمتعطش للعدالة والأطروحات المفعمة بالقيم الأخلاقية؟ .. الإجابة بكل ثقة أن نظامنا الحالى - بأدواته المتنوعة - ليس قادرا على المواجهة والحل إن لم يكن هو نفسه سببا أكبر فى تفاقم الأزمة كما أوضحنا فى مقالاتنا السابقة وكما قد يستشعره أى إنسان يشاهد حلقات تليفزيونية تواجه فيها المذيعة ملحدين ومشككين بشكل يثير الضحك والغثيان فى نفس الآن !

ثانيا : إن المواجه للإرهاب ينبغى أن يملك جانبا من الوعى بالظروف التاريخية والموضوعية لنشأة تلك التيارات، من يدعمها ويقدم لها الهواء النقى للحياة والنمو، وما السبيل إلى وأدها بالحجة والدليل البعيد عن الإقصاء والتخوين، فمن يتهمك بالكفر لايمكن أن تواجهه باتهامك له بالخيانة الوطنية. فلتقرأوا كيف واجه الإمام على بن أبى طالب الخوارج بالحجج القرآنية والأدلة العقلية المستمدة من الدين نفسه " وهو الأرضية المشتركة بين الطرفين والتى يمكن احتكامهما إليه " بل وكيف نجح فى إقناع الآلاف منهم مرة أخرى فى العودة لصحيح الدين والعقيدة، وفى الوقت الحاضر قارن بين كلمات الإمام علي فى حقهم وبين كلمات بعض مشايخ الأزهر التى تتعامل معهم كما الوباء القاتل والجراثيم التى ينبغى أن يدوسها النظام بكل حزم ، فلا حوار ولا أرضية مشتركة بيننا، لهم قرآنهم ولنا قرآننا ! لعمرى أين ذهب العلماء الذين تحدثوا مع الجماعة الإسلامية فى الثمانينيات والتسعينيات ونجحوا فى إقناعهم وقتها بالتوبة ؟ فالأزهر الآن مشغول بإحياء الاتجاه المتصوف " الذى لايحمل معه أى رد أو حجة للإقناع " والدكتور على جمعة منشغل بالهجوم على ابن تيمية وعلماء التيار الحشوى فى حالة تعكس غيابا تاما لآليات الحوار البناء  المدعوم بالحجة والدليل دون الهجوم والاتهامات !

عن الإرهاب ومواجهته 2

منشور بالبديل الأسبوعى بتاريخ 19/11/2014
على هذا الرابط

كيف نواجه الإرهاب الفكرى الذى وصل لحد استخدام السلاح سواء فى سيناء أو فى منطقتنا العربية بوجه عام ؟ قلنا فى المقال السابق بأن الأفكار لاتوجهها سوى الأفكار وأكرر بأن الجلاد الظالم لايمكنه من يوم وليلة أن يستمد لنفسه مصداقية من كونه يواجه طرفا إرهابيا طالما هو غير قادر على التمييز بين الإرهابى وبين من يؤيده وبين من يحرضه أو من يتعاطف معه أو من يتشابه معه فى الفكر، هنا لدينا خمسة أطراف: الجانى والمحرض والمؤيد والمتعاطف والمتشابه معه، تلك الأطراف – للأسف- جميعها فى رأى جلادى النظام شيء واحد، وربما لايعرف هؤلاء – أو يعرفون ويتجاهلون – أن عدد المتشابهين مع الأفكار التكفيرية بالملايين فى مصر لأن المنبع الفكرى واحد " وهو التيار الإسلامى " هذا التيار الذى كما أفرز على بن أبى طالب وعمر بن العزيز؛ أفرز أيضا الخوارج التفكيريين والدولة الأموية الظالمة وهاهو يفرز الآن تنظيم القاعدة وداعش وفى نفس الوقت المملكة السعودية! ولامجال للاستغراب عندما تجد النظام السعودى يحارب داعش ويقاوم القاعدة مثلما كانت الدولة الأموية والخوارج فى قتال دائم حتى سقوط الدولة الأموية.. والعقلاء يعرفون أن كلا التيارين لايمثل الإسلام لا شكلا ولا موضوعا .
نعود إلى واقعنا ونقرر أن النظام الحاكم الذى لايفرق فى تعامله بين التكفيرى الذى يضع الحزام الناسف وبين الطالبة الجامعية التى تضع دبوس رابعة تعاطفا مع عدة آلاف من المقتولين والمصابين تم تصفيتهم بدم بارد لأن العشرات منهم يحملون السلاح ! هذا النظام ليس مأمولا منه أن يقيم عدلا ولا أن ينجح فى احتواء الإرهاب ولا استعادة مكانتنا الإقليمية وهو مازال يضع يده مع الأمريكى والسعودى لتصفية الإرهاب الذى كان الأول داعمه السياسي واللوجيستى والثانى منشأه الفكرى !
لست من الذين ينكرون الاعتراف بأن البلد مستهدفة بحق من تيارات تكفيرية ممولة والذين يقولون بأن الإرهاب والتهديدات الخارجية مجرد فزاعة اخترعها النظام ليفرض سلطته ويتمكن بشكل أكبر؛ لكن وإن كانت تلك نية النظام فلايعنى هذا أن التهديد الإرهابى مزيف وأن كل التفجيرات الحاصلة من صنع المخابرات المصرية وأنهم هم من قتل جنودنا الشهداء بسيناء وكافة مناطقنا الحدودية! فلايمكننا أن نعقل ذلك خاصة ونحن واضعون يدنا على التغيرات التى تحدث فى مجتمعنا المصرى خاصة بعد أحداث رابعة، بين عديد من الشباب الذين فقدوا أهاليهم سواء فى رابعة أو فى سجون النظام تحت حكم قانون التظاهر المضحك. أرصد وأشاهد بنفسي رغبة عدد غير قليل من هؤلاء فى الانتقام مما حصل لهم ولاخوانهم وزملائهم بالجامعات سواء فى العام الفائت بجامعة الأزهر وحرمها ومدينتها الجامعية على وجه الخصوص أو بالعام الحالى والذى لايبرز فقط أن هناك بعض الجامعيين يودون التخريب – وهذا شيء لاننكره- ولكن هناك فرق كوماندوز دخلت الجامعة من أجل الإرهاب والتخويف وإهانة كرامة الطلبة جميعهم بدلا من الاحتواء والسماع والحلول ألأكثر عدالة. ولكن هيهات ففاقد الشيء لايعطيه كما ألمحنا سلفا.

الخلاصة أنه لاحل مأمول للأسف للقضاء على الإرهاب الحقيقى الذى ماعاد تهديدا خارجيا فحسب، بل صار ينبت من داخل مجتمعنا ويمده بالماء والأملاح نظامنا الذى لايفهم فى لغة التعامل سوى القوة ولايفرق بين الإرهاب وبين أى إسلامى يمشي على الأرض أو أى متعاطف مع الضحايا أيا كان انتماؤهم وأفكارهم؛ فالإسلامى إرهابى فى مصر بوجه عام والمدنى المتعاطف مع الضحية حتما غير وطنى وممول من الخارج، فليسقط جميعنا ويبقى هو ونظامه وإعلامه وأهله وعشيرته !  

عن الإرهاب ومواجهته 1

منشور بالبديل الأسبوعى بتاريخ 12/11/2014
وعلى هذا الرابط

كان المفكرون المصريون لمئات من سنين مضت حاملين لمنبر الإشعاع الفكرى والثقافى للمنطقة العربية ككل بل أكثر من ذلك فى محيطنا الإفريقى والمحيط الإسلامى أيضا، سواء عبر الأزهر أو عبر أدبائنا ومثقفينا ومفكرينا من كافة التيارات الفكرية ، من الإمام  محمد عبده وقاسم أمين إلى نصر أبوزيد وحسن البنا وسيد قطب وعبد الناصر ونجيب محفوظ وغيرهم ممن لايمكننى أن أحصرهم حفاظا على محدودية المقال .. 
ليس فى ذهنى أن أتحدث عن أسباب التجريف الحاصل الآن فى مصر والذى بلا شك له أثر قوى ومباشر فيما يحدث فى منطقتنا العربية من تمادى للتيارات التكفيرية وتنامى للأفكار المتحجرة وكذلك تزايد للأفكار التشكيكية السلبية أو النسبية المتحررة، والطرفان للأسف مانعان لأى تقدم إنسان أو حضارى لما للأول من تأثير قوى تسانده القوى الغربية الكبرى بأشكال شتى من الدعم لتحقيق مصالح معينة، كذلك تغذيه وتساهم من تسارعه وتغلغله أنه يحمل راية المظلومية فى بلدان كانت أسيرة لحكم ديكتاتورى مهين على مدار عشرات السنين كمصر وسوريا والأردن واليمن وليبيا وغيرها، أو لبلدان أسيرة للاحتلال الذى لايقل تأثيرا فى الشعوب عن التأثير الديكتاتورى نفسه؛ كالعراق وأفغانستان .. ولما للثانى من قوة استمدها من رد فعل عنيف تجاه الزيادة المفرطة للاتجاه الأول.
فقط كل مايمكن أن يقال أن مصر مسئولة عما يحدث فى المنطقة؛ مسئولية فكرية وثقافية ودينية فضلا عن مسئوليتها السياسية والاقتصادية الغائبة تدريجيا منذ عزلها عن قضايا المنطقة بموجب اتفاقية كامب ديفيد المشئومة . وإذا كانت الأفكار التكفيرية باعثها ومنشؤها الحجاز " أو منطقة نجد بالتحديد " إلا أن دورنا المتخاذل عن مواجهة تلك الأفكار لم يقتصر على السلبية أو تجنب المواجهات فحسب، بل تعداه لأن باتت مصر من أبر البؤر المصدرة لأفراد ينتمون لهذه التيارات نفسها ! لا أريد أن أنعش ذاكرتكم بعدد المصريين الذين يحاربون فى سوريا والمنضمين حديثا لداعش فليس عندى عداد يقوم بالرصد الدائم للأرقام التى تتزايد يوميا سواء فى سفرها المباشر أو فى نسبة المؤيدين لتلك التيارات على شبكات التواصل الاجتماعى من المصريين ! بل فقط أود تذكيركم بأن قائد تنظيم القاعدة هو طبيب مصرى يدعى أيمن الظواهرى . يكفى ذلك  لنعرف إلى أى مدى وصل بنا الحال من الانحدار الفكرى والثقافى بأن صرنا نحن مصدرا للقلق والاضطرابات بالمنطقة بعدما كنا مصدرا للإشعاع والتنوير .

وبعيدا عن الحزن والتحسر بلافائدة لا أجد نفسي، وأنا الذى أفخر بالانتماء إلى هذا الوطن الغالى وتاريخه العميق العريق، إلا أن أحذر بدافع وطنى وأخلاقى من شخص يشفق على أمته من الانهيار، بأن استمرار قادتنا السياسيين فى استخدام العنف والحلول الأمنية لاحتواء تلك التيارات لن تجدى نفعا للأسف، فلا قادة تلك البلد الغالية يتسمون بالرصيد المقبول من العدالة التى تجعلهم يلجأون للعنف والقسوة؛ فتاريخهم الإجرامى يشهد على مدى عشرات السنين، ولا هناك حالة حقيقية من الالتفاف الوطنى والشعبى وراءهم لمحاربة الإرهاب داخليا وخارجيا مثلما التى كانت على عهد عبد الناصر سواء فى مشاريعه القومية المحترمة أو فى إجراءاته التعسفية  نفسها. فالواقع مختلف وصار الشعب المصرى منقسم بحق إلى فريقين لكل إعلامه وطريقه وأفكاره وأدواته، لم يتفقوا فى أى معيار سوى على أمرين لاثالث لهما: الأول احتماؤهما واستقواؤهما بالأمريكى وحلفائه من أجل نيل الشرعية الدولية والثانى استعدادهما التنازل عن أى شيء – مهما كان عزيزا – لنيل تأييد تلك القوى التى لطالما ساهمت فى وصول حالنا إلى ماهو عليه منذ اتفاقية كامب ديفيد المشئومة " للمرة الثانية أكررها " وللحديث بقية !   

الحب الأعمى

منشور بالبديل الأسبوعى ، عدد 38 بتاريخ 22/10/2014
وعلى ذلك الرابط 

اللى بيحب إنسان، لازم يحبه بكل مافيه من ميزات وعيوب ومشاكل ! هكذا جعلت تلك المقولة المشهورة الحب أولا وقبل الحكم على جودة وسوء الأخلاق والتصرفات من الشخص أو الكيان الذى نحبه ونكون له التقدير اللازم ..
هى مقولة تقال وتحصد الآلاف من الإعجاب على الصفحات الإلكترونية، يقولها عاشق لمعشوقه عندما يريدها أن تتحمل أذاه وتصبر على سيئاته بل ويتهمها بأنها لاتحبه لمجرد اشمئزازها من تصرفاته أو عدم تحملها لحماقاته ! هكذا تربينا على تلك المقولة التى لانجد مسلسلا أو فيلما يتناول حياتنا الاجتماعية إلا وتقال فيها تلك الجملة التى صارت معتادة ومستساغة عند الكثيرين لدرجة اعتبارها قولا مأثورا حكيما على غرار " المركب اللى ليها ريسين تغرق " أو " إن كبر ابنك خاويه " !. لكن الناظر للمعنى الغريب من تلك المقولة لابد فى النهاية أن يضعها فى نفس خانة الأقوال الوهمية التى قد نظنها صحيحة ولها مصدرية من الحكماء والخبراء لكن فى النهاية تكتشف أنها كالذهب الصينى الذى يختفى بريقه وتنكشف حقيقته مع أول اختبار يتعرض له من أصحاب الصنعة والباحثين عن معرفة طبيعته وخصائصه. تماما مثلما اكتشفنا زيف مقولة " لحوم العلماء مسمومة " والتى طالما اعتبرنا أن قائلها نبى أو من المنتمين للصدر الأول ! فعرفنا بأن تلك المقولة تخفى وراءها أمواجا من التبرير لكل من أقحم نفسه فى زمرة العلماء بحيث تكون كالحصانة التى تعصمه من سهام النقد وتبرر له أى قول أو تصرف يفعله طالما أن مجرد انتقاده سم يؤذى صاحبه فى الدنيا قبل الآخرة !
ومثلما ثبت زيف هذا الكلام السابق كذلك ينبغى أن نتفهم مدى زيف تلك الحكمة المموهة فى أول المقال؛ ليس لما لها من آثار اجتماعية سلبية تحبط أى محاولة للتغير الإنسانى للأفضل وتقتل الحب الصادق المبنى على التعقل واحترام الفضيلة وتقبيح نقيضها وذلك بكونها لاتطلب التماس العذر أو التسامح عن الخطأ – وإلا لكانت مقبولة – بل لكونها تعتبر حب الشخص وتقبل العيوب والقبائح هو الأصل طالما أننا " نحب " بل هى مثار للاستخدام الحالى لتبرير أى موقف سياسي يقوم به الزعماء وقادة الرأى تحت ذريعة أننا " نحب " هذا الشخص وبالتالى فالتغاضي عن الأخطاء وسكوتنا على كل ماهو مشين من أقواله وأفعاله هو قمة الحب وذروة الانتماء ! قبل عدة سنوات كانت مصر " مبارك " وبالتالى فالحديث عن سوء سياسة مبارك قد تنال من وطنيتك وانتمائك لمجرد أن مبارك هو " رمز لكل مصرى " وإهانته هو إهانة لأى مصرى مهما كانت سقطاته وذلاته والفساد المستشرى فى عهده ..
وكما يقولون فى القول الأكثر واقعية " صديقك من صدقك وليس من صدَقك " فالمحب الحقيقى هو من ينشد الفضيلة ويود أن يحقق التكامل فيما يحب أو من يهوى ، كذلك الوطن والانتماء الذى ينبغى علينا أن نحب له التقدم والرقى المطلوبين فبدافع الحب والانتماء العاقل لايمكننا السكوت على مايحل فيه من أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية تهدد كينونته .

إذا كان لنا أن نخلق أجيالا تتسم بالانتماء الحقيقى و تقوم بدورها القيادى والرائد فينبغى أولا أن نزرع فيهم القوة العقلية اللازمة التى تجعلهم يحكمون على كل ماحولهم من أقوال متناثرة، العديد منها لايمثل فقط تناقضا عقليا واضحا ؛ بل له أثر سيء يوجه السلوكيات والتصرفات نحو الهاوية ، فى النهاية " اللى بيحب إنسان يحب له الخير ويمنعه عن أى شر " وبمناسبة الشر فهل ينبغى أن " نبعد عن الشر ونغنيله ؟ " بإننا " نمشي جنب الحيط " ؟؟ 

أين مصر؟ مشاهد مؤلمة



منشور بالبديل الأسبوعى بتاريخ 1/10/2014
والبديل الإلكترونى على ذلك الرابط 


(1)
فى زيارتى للمغرب ملبيا الدعوة المحترمة من مركز مؤمنون بلاحدود لحضور مؤتمرهم السنوى بمراكش الغالية ؛ رأيت الراحل هانى فحص المفكر اللبنانى " الشيعى المذهب " وبجواره مفكرين محسوبين على الفكر الأشعرى والبعض من المتكلمين؛ وآخرين يروجون لوجوب الرجوع إلى التقليد وسلفيون هناك وعلمانيون يقدمون حلولا تدعو للتحرر من سيطرة الفقهاء ورجال الدين على المجالات الاجتماعية والسياسية .. الكل فى  فى محراب العلم والنقاش الفلسفى والفكرى يتحلى بتواضع منقطع النظير بحيث  لاتسمع صوتا عال،  يحترمون الاختلاف كاحترامهم لأنفسهم وأفكارهم . ومع ذلك المشهد تجسد لدى رحلة السيد جمال الدين الأفغانى التى قابل فيها علماء الشيعة فى إيران ونصحهم - وكأنه منهم - بضرورة مقاومة الشاه والاستعمار ورحلته فى مصر والهند وغيرها ، وتذكرت العالم العراقى الشيعى محمد آل كاشف الغطاء وهو يستسمح الزعيم جمال عبد الناصر فى العفو عن سيد قطب " السنى " وفى نفس الوقت تموج ذاكرتى بكتابات الشيخ محمد الغزالى وهو يدافع بقوة عن كون الشيعة لايحرفون القرآن حتى ظننت أنه سيؤذن بـ " أشهد أن عليا ولى الله " فى نهاية الكلام !
وفى تلك اللحظة المثالية انتبهت على الصوت العذب  لأستاذى المفكر المغربى الدكتور الطيب بوعزة  هامسا فى أذنى : أين مصر التى تعلمنا من نخبها الفكرية وقاماتها العلمية لعقود طويلة ؟ محمد عبده ورشيد رضا وغيرهم. لماذا تضن مصر علينا بالمزيد ؟؟ فى الحقيقة لم يجد لسانى جوابا سوى أن قلت له : دعواتك بأن نستفيق مما نحن فيه ..
(2)
عدت إلى بلدى لأعرف " أين مصر " فلم أر فى إعلامنا الخاص صاحب المشاهدات الأكبر سوى مشهد متكرر لأحد المحسوبين على متعصبى الشيعة أو البهائية وهو يجر إلى ساحات المناظرات لا ليلقى مافى رأسه من أفكار؛ بل ليتحفنا بكل ماهو تجسيد لآلامه النفسية فى صورة تشنجات وسباب ولعن لسيطرة الأغلبية .. على الجانب الآخر يجلس الأخ السنى المتعصب الذى تم استقطابه لتلك البرامج هو الآخر ليشعر بلذة الانتصار لدينه ومذهبه ظانا منه أنه يدافع عن رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام بتكفير المخالفين وإهاناتهم وتخوينهم. مشهد متكرر يجعل المؤمنين بالصدفة يراجعون أنفسهم ليلتزموا نظرية المؤامرة ! نعم فهناك تعمد واضح فى اختيار جهلاء كل مذهب ومتصعبى كل اتجاه ؛ حتى عندما استضافوا الملاحدة أو المشككين عمدوا إلى تقديم أكثرهم عصبية واضطراب لكى " تسخن الحلقة " ويستمتع المشاهدون باحدى جولات صراع الديكة أو الرياضة فى الغابة !
وبكل أسى فإن المشهد الأول هو مايقال فى المحافل العلمية ولايسمعه سوى قليل من الناس، أما الثانى فهو مايقدم فى مصر بشكل شبه يومى ، فى المحفل الأول يتحدثون فى الأكاديميات الفلسفية والفكرية عن الإسهامات المبدعة لعلى شريعتى ومطهرى وباقر الصدر فى الفكر الإنسانى عموما والإسلامى على وجه الخصوص ولكن فى غمضة عين يتم حرق آلاف مؤلفة من صفحات كتاباتهم على لسان متعصب ينعت جميع الشيعة بالكفر والخطر على الأمة وتنفيذ مخططات الـ" يهود والنصارى " !  
وبجرة قلم يلغى صاحبنا الشيعى جهودا عظيمة قام بها الأفغانى ومحمد عبده والغزالى من أجل الوحدة الإسلامية والحوار المتسامح بين المذاهب،  كلمات مترامية تسيء إلى اتجاه أفرز أبا حامد وابن رشد والفخر الرازى والمسيرى ومصطفى محمود وطه عبد الرحمن وطه العلوانى وغيرهم .. لاعتقاده أنه بذلك " ينتصر " لأهل بيت النبى ويكسر معاول الظلم الأموى انتقاما من حوالى ثمنمائة مليون مسلم سنى لاجريمة لهم فى قتل مولانا الحسين الشهيد فى الوقت الذى كان أغلب أنصار الحسين كالفئران فى بيوتهم حال تلك المعركة الخالدة !
 كيف صرنا ألعوبة فى يد إعلام يجعل من اختلافنا الثقافى والدينى والمذهبى مادة يستعملها ليزيدنا اشتعالا فيجنى من غضبنا وسبابنا وحرقة دمائنا المزيد من الأموال والإعلانات و النجاح ؟ وكيف صارت هذه ثقافة وقع فيها السنى والشيعى والمسيحى والبهائى والملحد ممن تكاد تنجرح حناجرهم من كثرة صياحهم ضد الأمريكان واتهامهم المخالفين بالعمالة والخيانة ! فى حين يقع أكثرهم أسرى لعمالة التسويق والإعلانات وسيطرة ثقافة مادية تستبيح كل شيء "  مشاعرنا وعصبياتنا واختلافاتنا " فتنميها وتقويها مثلما استعملت أجساد نسائنا من قبل وبراءة أطفالنا من بعد ؟ بل كيف يهتفون جميهم : الموت لأمريكا التى تشن حروبا طائفية وتريد تقسيم أوطاننا ثم تجد نفس هؤلاء الأذكياء يقاومون الطائفية بالطائفية والعصبية بالنرفزة؟ لاعجب منهم إذن فى الاستعانة بالأمريكى من أجل تخليصهم من الإرهاب الطائفى الذى باركه الأمريكى ولا مجال للاستغراب عندما يستعينون بالمخابرات الأمريكية ليشكوا إليها مخططات أجهرة الاستخبارات -الأمريكية - أيضا فى تفتيت وتقسيم المنطقة !
وتجد من يحذر من الحداثة ويطنطن بعبارات المسيرى حول زمن سيطرة الثقافة المادية فى عصرها السائل الحالى هو نفسه مصاب بالعته الفكرى والانفصام المعرفى، فإما ينساق إلى دعاوى الحريات بمنظورها التغريبى ويسيل لعابه عند التعرض لمغريات تلك الثقافة على المستوى الإعلامى والاجتماعى والوظيفى، أو  قد يجر " كالمنوم مغناطيسيا " إلى صراعات عنصرية ومذهبية وهمية، أو قد تجد الحالتين فى شخص واحد  ليكتمل لديه الانفصام النفسي والثقافى إلى حالة يسميها هو بنفسه أزمة " فقدان الهوية " ويحاربها فى الآخرين ..  وهو عنده جوا  !!

فى معرض الحديث عن سبب تلك الأزمة وغيرها، لا أنكر أن ثمة استعمار طويل وقف وراء الكثير مما يحصل الآن لمجتمعنا منذ أن قسموا أراضينا بهذا الشكل، ثم يعودون الآن بشكل آخر وثوب جديد باسم الحرب على الإرهاب لتقسيمها مرة أخرى ولكن أيضا وكما قال الحكيم اليونانى سقراط أن منشأ كل الرذائل فى الجهل .. فقد قالها والحمد لله قبل أن يتفوه بها الحسين بن على ومطهرى والحسن البصرى ومحمد عبده وفولتير ! وبهذا أكون هربت من قماءة التصنيف وبشاعة الاستقطاب الجاهل .. على الأقل فى تلك الجولة !