الثلاثاء، 18 فبراير 2014

من أين نبدأ 1


نشر في البديل يوم 11 - 09 - 2012
http://www.masress.com/elbadil/163568
 
من بديهيات إدارة أى  عمل مؤسسي , بل من أوليات إدارة أى شأن .. عام كان أو خاص ،  أن تتعامل مع شتى مناحى حياتك بأن تسأل نفسك " هل هناك مشكلة؟ " و " كيف السبيل إلى حلها ؟ " وأزعم ان العديد من الساسة والإعلاميين والمنظرين إما لايعلمون حقا ماهى أزمة مصر فى ظل نظام مبارك ومن سبقه ، وإن علم بعضهم تجدهم  يجهلون  السبيل إلى حلها أو على الأقل لايعلم بعض العارفين بالمشاكل وكيفية حلولها " من أين يبدأون ؟ "
لا أزعم أنى أدرى المشكلة القائمة بجميع تفاصيلها ولكن على الأقل أحاول أن أركز على الأطر العامة للأزمة ومفاتيح الحل علنى أتوصل إلى الإجابة على ذلك السؤال الهام " من أين يبدأ الحل ؟ "
المشكلة تكمن فى غياب الإنسان داخل أروقة النظم المتعاقبة ، غياب كامل يجعل المفاهيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية فى السياسة الخارجية والداخلية ليست غائبة فحسب ، بل هى معكوسة ومغلوطة للأسف .. فلا تندهش عندما ترى الإعلام يصور رد فعل حكوماتنا المتخاذل على جنودنا الذين يقتلون كل عام على الحدود الإسرائيلية بأنه ضبط للنفس ، وأن سكوتنا على انتهاكات المواطن المصرى بدول الخليج بأنه حكمة وروية ، ولا تستغرب من الترويج للخيانة والتخاذل ، ومن مهاجمة مبادئ الكرامة الإنسانية ورفض الانتهاك لآدمية المواطن المصرى وتصويرها بأنها مفاهيم بالية و " ناصرية " قديمة أثبتت فشلها ، فالمدينة الفاضلة تم دفنها وأقمنا على ضريحها شواهد المصلحة والانتهازية ، للأسف نجح الإعلام طيلة عشرات السنين فى أن يميت الإنسان الموجود بداخل الكثير من الشعب المصرى بمختلف ميولاته واتجاهاته .. فلا تتعجب فى أن تجد بين أروقة الليبراليين والسلفيين والاخوان والاشتراكيين والمسيحيين من يعبد المادة وتحركه الانتهازية والأنانية وتسوقه الغرائز ، بل إن المثير للدهشة أن تجد العكس ! أن تجد فى كل الفصائل السابقة من ينهض مدافعا عن مبادئ الإنسانية (قولا وعملا) مرة أخرى .
قامت ثورة الخامس والعشرين رفضا لكل المحاولات السابقة من النظام المخلوع والتى امتد أثرها المتسافل والمستهين بالإنسان المصرى إلى درجة اعتباره أقل من البهائم .. فلم يكترث المسئولون لانتهاكات أمن الدولة لآدمية المواطنين ولم يتحرك أحد لنجدة قرى بالكامل لاتجد الماء ولا بيوت تتشارك فى مرحاض واحد !! فكيف بالمستهين بالعشرات من الشهداء من أطفال غزة يموتون تحت الحرب والحصار أن يبالى بالإنسان داخل بلده .. فالإنسانية قيمة لاتتجزأ أو تتقسم أو يتم تطبيقها على منطقة جغرافية معينة أو فى فئة مميزة من البشر ، قامت الثورة كى تنهض وتحيي الإنسانية المفقودة ولم يكن مصداقها الوحيد رفض التوريث مثلما يحاول قادة العسكرى أن يصوروه لأنفسهم قبل أن يقنعونا به .. وإذا كانت الأزمة تتلخص فى غياب النظام الإنسانى والذى انعكس بالسلب على المواطن المصرى فينبغى أولا أن نطرح ذلك التساؤل : هل فعلا تم إسقاط النظام اللا إنسانى الفاسد فى مصر؟ وهل حقا من المأمول فى إنسان فقد إنسانيته بالكامل وأمات ضميره أن يعمد بنفسه إلى التغيير فيه هو ومن حوله فيصير الشيطان ملاكا بلا أدنى مقاومة ؟ وهل صار عدد من الإعلاميين والصحفيين باحثين على الحقيقة والخبر المجرد بعد أن كانت جل وظيفتهم التبرير وغسيل أدمغة الناس ؟ وهل بات وكلاء الوزارات والعمداء و السفراء وضباط المخابرات ولواءات الشرطة وكبار موظفى الدولة بهيئاتها المختلفة ممن استفادوا بالنظام السابق بل وارتبط نمط حياتهم وتفكيرهم وسلوكياتهم بذلك النظام حتى صدقوه وصدقوا أنفسهم بل وظنوا أنهم يحسنون صنعا .. هل تحولوا إلى أنبياء يمجدون بالثورة والتغيير ويفرحون بالتطهير القادم الذى سينالهم إن آجلا أم عاجلا؟ لا يخفى حتى على الأبله بعد تلك الأسئلة أن يعرف من وراء قطع الكهرباء والمياه وتعطيل عدد من المصالح العامة ، بل إن كان وزراء حكومة هشام قنديل واثقين من صحة التقارير والمعلومات التى تأتيهم من كل وزارة ، فما الفرق بينهم وبين من سبقهم ؟ فالكل كان يعتمد على معلومات ودراسات وتقارير تبرر سكونه وتكاسله أو تخاذله .. نعود للمحور الحديث ونقول : نعم !! النظام لم يسقط بعد ، بل لقد تم تقويته بتفرق الثوار وانقسام الفصائل المشاركة فى الثورة واستعداء كل طرف منهم للآخر دون التكاتف لمواجهة التحدى الأكبر والعدو الحقيقى .. والآن بعد أن عرفت محور الأزمة وتصورت أن حلها جذريا ليس بالأمر الهين ، دعنى أسألك : هل الحل فى تغييرات وزارية قشرية مع تغيير ظاهرى فى السياسات الخارجية والداخلية ؟ أم أن الأمر أعمق من ذلك بحيث يشمل التغيير عودة للإنسان المصرى المفقود فى كل كيان ومؤسسة ومدينة وشارع وزقاق .. للحديث بقية عن سبل الحل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق