الثلاثاء، 18 فبراير 2014

لماذا نقاوم الكيان الصهيونى

نشر فى البديل بتاريخ 16-11-2012
http://elbadil.com/2012/11/16/72008/



" إن مهمة إسرائيل الأولى لم تتغير مع ذلك الحدث وستبقى على نفس درجتها من الأهمية ، فموقع إسرائيل فى قلب الشرق الأوسط العربى والإسلامى  يعطى إسرائيل ميزة
·        التحكم فى الاستقرار لدول الإقليم
·        الحفاظ على النظام الدولى القائم
·        الحيلولة دون ظهور توجهات قومية ثورية فى العالم العربى
·        قطع الطريق على ظهور حركات إسلامية أصولية "
هذا ما كتبه الجنرال والباحث الصهيونى شلومو جازيت (رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية سابقا) فى يديعوت أحرونوت فى إبريل عام 1992حين انهار الاتحاد السوفييتى معبرا عن الدور الهام الذى يقوم به الصهاينة فى الحفاظ على المنظومة العالمية .. تلك المنظومة الدولية والتى هى فى أصلها صياغة إيديولوجية للحضارة الغربية من فكر وثقافة واقتصاد وسياسة للسيطرة على العالم أجمع باستخدام الوسائل الإعلامية ، والشركات الرأسمالية الكبرى لتطبيق هذه الحضارة وتعميمها على العالم ، حيث يتم بموجب ذلك النظام  أولا اندماج أسواق العالم في حقول التجارة والاستثمارات المباشرة ، وانتقال الأموال والقوى العاملة والثقافات ضمن إطار من رأسمالية حرية الأسواق ، وثانيا خضوع العالم لقوى السوق العالمية ، مما يؤدي إلى اختراق الحدود القومية و الانحسار الكبير في سيادة الدولة والتبعية الثقافية والفكرية إلى القوى الرأسمالية المسيطرة
وواقعا فإن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل جاء قبل ذلك التاريخ بعشرات الأعوام ، فبعد تقلص الدور البريطانى فى العالم جاء الشرطى الأمريكى الجديد ليقوم بالدور البريطانى محاولا الاستفادة من نجاحاته وعلاقاته الإقليمية وتجنب سقطاته وعوامل فشله ، يقول الكاتب الأمريكى اليسارى نعوم تشومسكى فى كتابه النظام العالمى الجديد والقديم ( وقد خلص مجلس الأمن القومى الأمريكى فى يناير 1958م إلى دعم إسرائيل لمعارضة المد القومى العربى ، لأنها الدولة الوحيدة المخلصة للغرب في الشرق الأوسط . ونظر المحللون الامريكيون إلى إسرائيل خلال عقد الستينيات كحاجز فعال أمام ضغوط الناصرية وتأثيرها المتنامي في شبه الجزيرة العربية والأردن . وقد دعم نجاح إسرائيل في حرب 1967 م المفهوم الذي تكون لدى الأمريكيين من أن إسرائيل قوة استراتيجية يمكنها خدمة المصالح الأمريكية عن طريق تقويضها للقوى القومية الاستقلالية  في المنطقة  .. وفي مايو 1973م أكد هنرى جاكسون خبير الكونجرس في شئون النفط والشرق الأوسط  على ضرورة تزايد اعتماد الولايات المتحدة والغرب على إيران في الخليج ، وعلى إسرائيل في البحر المتوسط ، وكلتاهما مع السعودية تخدمان بإخلاص مصالح الولايات المتحدة لمواجهة التوجهات القومية " المتهورة" في الدول العربية ، والتى لو نجحت ستشكل تهديداً خطيراً لإمكانية وصولنا إلى مصادر الطاقة النفطية في الخليج ، وهي مصادر لم تكن الولايات المتحدة في حاجة لها في ذلك الوقت ، لكنها كانت تخزنها للإستفادة من عوائدها الضخمة ولضمان هيمنتها على قطاع الطاقة العالمى . ولم تكن الخلافات بين السعودية وإيران وإسرائيل سوى خلافات شكلية .. ، مع سقوط الشاه تزايد دور إسرائيل بعد أن لعبت منفردة دور الشرطي الوحيد في المنطفة ، ولم تكن مفاجاة إذن أن تحالفت الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية بعد سقوط الشاه لمحاوله إعادة الشاه برعاية من المبعوث الأمريكي الجنرال روبرت . وعقدت الدول الثلاثة تحالفاً سرياً تقوم بموجبه السعودية يتمويل شراء الأسلحة الأمريكية عن طريق إسرائيل وإرسالها إلى عناصر في الجيش الإيراني حتى تتمكن من الإطاحة بالنظام الجديد ..)
ونخلص مما سبق إلى استنتاج عديد من الثوابت الهامة التى تضع حدودا فى علاقتنا بالكيان الصهيونى
1-    إن التعامل مع إسرائيل والتطبيع الكامل معها يعنى انسحاق باقى دول العالم العربى والإسلامى فى الثقافة الغربية والتى تجسد إسرائيل النموذج المحافظ عليها والشرطى الضامن لتطبيقها فى المنطقة مما يجعلنا أسرى تحت قيادة الصهاينة للمنطقة ، كما قال شمعون بيريس لقد جرب العرب قيادة مصر للمنطقة مدة نصف قرن، فليجربوا قيادة إسرائيل إذا
2-    إن مجرد التفاوض مع إسرائيل باعتبارها "دولة" و"أمر واقع" ينبغى قبوله ، يعنى قبولنا باستمرار المركز السرطانى الصهيونى الذى يعد العامل الأساسي للهيمنة الغربية ومصدر الفتن بين الكيانات العربية والإسلامية المحيطة ومنشأ قلق وصداع دائم يحاول كبت وإخماد أى مظهر من مظاهر الصحوة المقاومة والمناهضة للمد التغريبى الإمبريالى .. وبالتالى فالقبول والاعتراف بتلك الدولة يعنى أننا نخمد – بأيدينا – محاولاتنا المستمرة للعودة إلى هويتنا ومن ثم النهوض مجددا
3-    وبالتالى فإن المقولة المشهورة بأن صراعنا مع إسرائيل هو صراع وجود وبقاء هى صحيحة على الصعيدين النظرى والعملى .. فالربط بين قيام ونهضة حضارتنا وهويتنا مرة أخرى وبين زوال إسرائيل هو ضرورى ومنطقى ويعبر عن سياسة الفعل ورد الفعل المساوى له فى المقدار ، فالنهضة والبناء لهويتنا الفكرية والثقافية يعنى تخلينا عن التبعية الفكرية والسياسية والاقتصادية للغرب ، وحتى تبدأ مرحلة الاستقلال الفكرى والاقتصادى والاجتماعى والسياسي فى الظهور ، تبدأ المقاومة الصهيونية لتلك الإرادة الحرة فى التلاشى فتسقط معها مايسمى بدولة إسرائيل .. من هنا فإن أى حديث عن مرحلة البناء فى أى دولة مجاورة لإسرائيل أو واقعة لمنطقتنا بمعزل عن وضع سياسة قوية ومقاومة للكيان الصهيونى بما يتيح لها إسقاطه ، يعتبر ذلك الحديث دربا من الخيال والرومانسية الحالمة البعيدة عن الواقع .. فالعلاقة بين نهضة أمتنا ووجود وبقاء الكيان الصهيونى هى علاقة عكسية .. فصعود طرف يعنى بشكل مباشر الهبوط السريع للطرف الآخر ، أما الاحتمال بصعود طرف مع ثبات الطرف الآخر فهو احتمال محال الوقوع ولا يعنى إلا أن ذلك الصعود وهمى وشكلى بل وقد يمثل هبوطا من زاوية مختلفة وأكثر عمقا
4-    إن مقاومة إسرائيل والدعوة لتلاشيها ليست قائمة فقط على كون إسرائيل كيان غاصب ومحتل ولا يجب أن ننظر لها من زاوية الاحتلال وحقوق الإنسان فقط حتى إذا ما تم تسوية النزاع برجوع إسرائيل إلى حدود ماقبل 67 وتسوية قضية اللاجئين وتقديم الاعتذار الرسمى عن القتل والعنصرية ، جاء بذلك الحل العادل والشامل !! ، بالطبع لا .. فنظرتنا لوجود ذلك الكيان ينبغى أن تكون أكثر تعمقا كى تصل إلى نقطة نستنتج منها أن مشكلتنا مع ذلك الكيان هى مشكلة تصادم حضاري  فى المقام الأول ، فوجود ذلك الكيان الغاصب -الدخيل  بحضارته وثقافاته المتباينة معنا والرافضة لبقائنا بل والمروج للقيم والمفاهيم الغربية تحت خلفية صهيونية عنصرية - بين ظهرانينا يعنى فى نفس الوقت تراجع وضعف ثقافاتنا وموروثاتنا ونسيان هويتنا ، من هنا تكمن فلسفة مقاومة الكيان الصهيونى ويأتى الحل الوحيد لتلك القضية هى فى زوال ذلك الكيان نهائيا كى ننهض ونعلو .. ونتعايش فى سلم وأمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق