الثلاثاء، 18 فبراير 2014

إسلامى .. ومضطر للاختيار

30-5-2012

مشكلتى الأساسية مع الاخوان ليست فى الطرح .. ولكن فى السلوك والممارسة التى أودت بهم إلى الركون للظالم والجهل بجوهر المشروع الإسلامى بل وافتقاد القيم التى هى أساس رسالة الإسلام  مثل العدالة واحترام الإنسان والجرأة فى الحق والترفع عن المنصب كغاية  .. هم بكل بساطة يفتقدون عزة الإسلام نفسه
لماذا تلك المقدمة ؟؟
لأننى إسلامى !!- آه والله - و أرى أن الإسلام  هو معنى وتطبيق .. هو مضمون وشكل وبالتالى فهو ليس جوهرا فحسب .. ولقد أتت أحكام الشريعة كمحاربة الربا وحد القصاص وتحريم الخمر والزنا وغيرها من الأحكام القطعية لا لشيء إلا لكى تحمى هذا الجوهر وتحافظ عليه وتنهض بالمجتمع كى يصير ربانيا متخلقا بالقيم الفاضلة والإنسانية " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " وإتمام مكارم الأخلاق يعنى تنفيذ قوانين الشريعة التى هى الحل الأمثل للخلاص بالإنسان والعالم من ظلام الشهوة والمادية .. لذلك فمن يعتقد بأن الإسلام مجرد قيم أخلاقية فقط فهو لم يعرف الإسلام ولم يعط للقرآن وللنبى ص حق قدرهما .. إن الإسلام كرسالة داعية إلى الخير والسلام والعدالة لم تأت فقط لتنادى بتطبيق تلك القيم .. بل وضعت لنا الكيفية والمنهج السليم للتطبيق نفسه وذلك من منطلق إدراك وحكمة الخالق جل علاه ومعرفته بمن خلق وكيفية تحقيق العدالة فى مخلوقاته .. بالتالى فمن يسلب من الإسلام أحقيته فى رسم المبادئ الاقتصادية والتشريعية والقانونية لمجرد أن ثمة قوانين من صنع البشر أفضل وأكثر عدلا وتسامحا هو فى واقع الأمر يسلب من الخالق حكمته وقدرته وعدله ورحمته ويضعها بين يدى ماركس وجون لوك وستيوارت ميل وريتشارد بيرس .. ولكن وبرغم ما قلته عن ضرورة الأخذ بشريعة الإسلام وعدم الاقتصار على مقصدها فقط وجوهر رسالة الإسلام السامية .. فإننى مندهش لما أراه فى حال سياسيينا حقا .. فثمة إسلاميون يحاربون من أجل الشكل دون أدنى معرفة بالمضمون .. وإسلاميون افتقدوا السلوك الإسلامى الأصيل عند تصديهم للممارسات السياسية .. بينما على الجانب الآخر هناك من غير الإسلاميين من تجد خطاباتهم تدرك غاية الإسلام نفسه وروح شريعته ومقصدها ولكن دون الإيمان بأهمية أحكام الشريعة ذاتها .. فما بين الجهل من الطرفين بالإسلام ظل الإسلام مظلوما حقا يعانى من عدم الفهم
لذلك أعود وأكرر ، مشكلتى الأساسية مع الاخوان ليست فى الطرح .. ولكن فى السلوك والممارسة التى أودت بهم إلى الركون للظالم والجهل بجوهر المشروع الإسلامى بل وافتقاد القيم التى هى أساس المشروع الإسلامى مثل العدالة واحترام الإنسان والجرأة فى الحق والترفع عن المنصب كغاية  .. هم بكل بساطة يفتقدون عزة الإسلام نفسه . وفى نفس الوقت إن من يعترض على الاخوان من باب الاعتراض على فكرة الحل الإسلامى نفسه فهو فى نظرى مصاب بالخبل أو العته .. لأن بديل الحل الإسلامى هو الحل المادى الدنيوى الذى يرى القيمة والسعادة للإنسان فى نيله أكبر قدر من الملذات المادية ويرى الحل لنهضة المجتمع يكمن فى أن يتمتع أفراد المجتمع بالأمن والمسكن والطعام والشراب فقط دون التمتع بأي قيمة روحية أو أخلاقية كالكرامة ورفض سيطرة وجشع رءوس الأموال ومقاومة الغزو الفكرى المادى والاستكبار العالمى والمشروع الصهيونى .. بل إن أنصار ذلك النظام لايعتبرون تلك القيم الإنسانية أساسا لنهضة المجتمعات .. حيث إن أساسهم الأخلاقى الوحيد يتمثل فى حرية الرأى .. فقط
أما السلفيون فمازالوا يحاربون من أجل المشروع الإسلامى .. لكن جل فهمهم للمشروع الإسلامى مازال – للأسف – يتمثل فى شكليات الإسلام وظاهر شريعته دون معرفة المقصد الرئيسي من الشريعة .. أنصح هؤلاء والذين مازالوا يبحثون عن مقصد الشريعة والحل الإسلامى من كتابات وفتاوى ابن تيمية وابن القيم وأحمد بن حنبل وغيرهم من الفقهاء والدعاة أن يرتفعوا بأذهانهم ويقرأوا  كتب ابن رشد والفارابى والكندى .. فحتما سيجدون الجواب الشافى فى كتابات هؤلاء .. فالإخلاص وحده لايكفى لنصرة الحل الإلهى .
ومع احتدام المعركة السياسية فى مصر .. اخترت عن إرادة حرة المرشح حمدين صباحى .. وجدت فيه الشخص الذى ينادى بحلم الفقراء والمستضعفين لواقع أفضل وحلم الكرامة والسيادة المصرية كى تعود مرة أخرى .. هى ليست سيادة للفرد المصرى قائمة على قومية العرق وإنما هى سيادة للإنسان نفسه من منطلق أن الإنسان حر لايقبل بأن يستعبده أحد أو أن تقهره سلطة المال المتوحشة فى العالم .. فالإنسان المصرى لن يكون تابعا لدول نفطية أو لرأسمالية أمريكية مادية أو لمشروع صهيونى عنصرى بعد الآن .. لذلك وجدت لهجته تحمل الجرأة والقوة فى الحق والتى افتقدها الاخوان فى مشروعهم للأسف إما خوفا  وجبنا من أمريكا وإسرائيل والسعودية والعسكرى " أين عزة الإسلام ؟؟ "  أو إيمانا منهم بأن تلك القيم ليست على جداول اهتماماتهم أصلا  وأى من الاحتمالين السابقين كفيل بإخراج الاخوان – فى رأيي – من دائرة السلوك الإسلامى الصحيح إلى مستنقع الرذائل الأخلاقية " مهما كانت ذرائعهم "
ومع معرفتى بأن حمدين اتجاهه العام يفرغ الإسلام من شكله  الهام ويهتم بمضمونه فقط  إلا أننى وجدت نفسي مجبرا على  المفاضلة  بين الشكل والمضمون فاخترت المضمون المتمثل فى حمدين صباحى بنفس المعايير التى اخترت على أساسها أن أكون عضوا بحملة دعم البرادعى من قبل وهو ما أثار اندهاش البعض وقتها .. هذا الاختيار يزكيه علمى بأن المضمون أهم من الشكل (إذا ماوضعا فى معرض المقارنة ) ولكن الحقيقة مثلما رددتها أكثر من مرة فى ذلك المقال أن الشكل والمضمون يتكاملان ولا يتضادان .. وأن شعائر الإسلام من حج وصيام وصلاة لها حركات وتحريم للربا إنما هى قواعد بنيت على أساس " الحلال والحرام " لكى تبعد الفرد والمجتمع عن عوامل انحلالهما وتوفر لهما سبل السعادة القائمة على التكامل الروحى والأخلاقى دون إخلال بالمادة والجسد أو هروب من متطلباتها .. فالزواج يسد احتياجك للجنس مثلا ..
كنت مجبرا على الاختيار بين مرشحى الرئاسة وبرامجهم .. والآن وللأسف وقعت فى  حالة إجبارية أقوى .. هل أرشح مرسي أم شفيق ؟ المقارنة تلك المرة مختلفة ، فمن يمثل الإسلام والحل الإلهى لايلتزم بسلوكياته .. بل يخالفها "جهلا  كان أو عمدا" يقف فى مواجهة من يمثل المادية والانتهازية والتشويه الكامل للإنسان وهو المدعو أحمد شفيق  .. بل وفى تلك المرة تلطخت يداه بقتل الأبرياء والدعوة الرخيصة للتصالح مع المشروع الصهيونى العنصرى والانسحاق التام للرأسمالية المتوحشة مع الحفاظ على جذور الفساد ومؤساته من شرطة وجيش ووزارة العهر وتغييب العقل  " الإعلام " ووزارة السرطان " الزراعة " .. مع اليقين التام بعودة أمن الدولة وانتهاكات مفسدى الشرطة محملة تلك المرة برغبة أقوى وأعمق من هؤلاء المخنثين للانتقام من الإهانة التى انتابتهم فى أيام الثورة الأولى " الله يرحمها !! "
بذلك ومن منطلقات أخلاقى وضميرى وحرصي الشديد على الانتصار لكل قطرة دم أريقت  فى تلك الثورة أجد نفسي مضطرا – وقد اعتدت على ذلك – إلى الآتى : إما انتظار – المعجزة – بالمشاركة مع حركة فعالة تقوم بالضغط لإفشال جولة الإعادة أو تأجيلها حتى يتم الضغط بعزل شفيق تطبيقا لأحكام قانون العزل .. أو انتظار – معجزة – أخرى تقوم بمقتضاها القوى " الوطنية ! " بالاتفاق مع الاخوان حول مجلس رئاسي ثورى  يحاربون سويا من أجل خوض معركة الإعادة من أجل الظفر بها " وهذا احتمال ضعيف بسبب التزوير المتوقع " أو يخوضون معركة أخرى بعد الانتخابات لإثبات التزوير وإسقاط العسكرى وتشكيل مجلس ثورى انتقالى " يعنى العودة للمربع صفر "
وإذا انتفى أى من الاحتمالين السابقين فأجد نفسي أيضا مضطرا – وقد أصبح الاضطرار لغتى – أن أنتخب مرسي دفعا لظلم شفيق المطلق .. بأن أدفع الأقل ضررا باتجاه الأقوى ضررا .. وأجد ذلك الحل هو الأخلاق بعينها .. فليس ذلك الحل حلا سياسيا قائما على النفعية أو المصالح أيها السادة .. بل الأجدر أن الاستسلام والمقاطعة غير المجدية والعاجزة عن إيجاد البديل هو الحل الأكثر قتلا للضمير والأخلاق .. فبأى أخلاق يواجه المقاطعون ضمائرهم وبأى وش سيتحدثون مع الشهداء .. هل سيواجهونهم بمنطق " والله احنا حاولنا لكن لما لقيناها باظت قاطعنا ؟واحنا حذرنا من الأول وقلنا محدش يدخل الانتخابات  " هل أعددتم البديل أيها المقاطعون ؟ أم جلستم فى الأدوار العليا واضعين قدما على الأخرى وناظرين إلى غيركم بنظرة الاستعلاء والاحتقار لعقولهم وأفئدتهم .. ربما أجد نفسي على الجانب الآخر أرد على نفس الشهيد بقولى " لقد حاولت وبذلك قصارى جهدى لأكون حجرا فى بناء الوحدة الثورية على موقف يخدم الحق والعدل ولكن دون جدوى ، وحذرت من التنازع دون جدوى وناديت بعد إعطاء الشرعية للمجلس دون جدوى .. فذهبت لترشيح أقرب الرؤساء للثورة دون جدوى وأنا الآن ذاهب بمنتهى الإجبار لاختيار مرسي .. هذا الإجبار الذى أتمنى أن أهدمه منذ قيام الثورة ولكن دون جدوى "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق