الجمعة، 12 مايو 2017

أصحاب المثل هم الأنجح لو تعلمون



كثر في الآونة الأخيرة تصنيف الزعماء والقادة إلى صنفين، الأول أصحاب المثل والمبادئ العليا، والثاني البراغماتيون أو أصحاب المصلحة أو على الأقل من يحملون معيار النتيجة لا الفضيلة..
الصنف الأول أهل الخير والثاني الأكثر دهاءً وذكاءً...
لكن ما أريد أن أوضحه أن الصنف الأول في رأيي هو الأعلى عقلا وكذلك ذكاءً، فالخيارات التي تحمل الفضيلة وتتسم بالحكمة والعدالة لاشك أن تبعاتها على المدى البعيد أفضل وأقوى، بل وتؤتي بثمار ونجاحات هائلة مستقبلا، بحيث لو حاول أعتى البراغماتيين الوصول إليها لما هداه تفكيره ودهاؤه...
ولنأخذ مثالا من الماضي حول قضايا نستطيع الاتفاق عليها.
موقف النبي ص من المؤاخاة بين أصحابه بعد الهجرة، رغم أنه موقف مبدئي وأخلاقي إلا أن ثماره الاجتماعية والاقتصادية كانت هائلة بما لاتستطيع الأطروحات الاقتصادية البراجماتية أن تصل إليه، كذلك العفو عن أسرى مكة بعد فتحها، رغم أنه تصرف ينم على الوفاء والتسامح، لكن عباقرة البراغماتية السياسية يحللونه بأن محمدا ص قضى على معارضة الدولة من مهدها، دون إقصاء أو تهميش أو اتخاذ مواقف صارمة مع أكابرهم تكون بمثابة من يغرس بذورا من الشدة ليحصد أغصانا من الحقد والتشفي، وثمارا من العداء – الداخلي- قد يصيب المجتمع والدولة بالضعف...
أما على الجانب الآخر، فلايمكن للبراجماتي الذي يبحث عن النجاح والمصلحة والنتائج الملموسة أن تمتد نواظره ليفكر في نتائج بعيدة ونجاحات تتطلب خسارة قريبة ومتوسطة، لينعم بآثارها من يأتوا بعد موته! لأن ذلك التفكير من شيم أصحاب المبادئ كما قلنا، الذين يعملون للمبادئ نفسها ولايهمهم مدى ومستوى النجاح وهل سيدركونه أم سيحفل به الأحفاد!
لذلك أستطيع أن أقول إن البراجماتي هو الأكثر غباء وحمقا من الحكيم صاحب الفضيلة، مهما بدا دهاء هذا النفعي مثيرا للإعجاب، ومهما ظهر الحكيم في نظر العامة فبصورة الأبله لأنه غير مكترث باستخدام ما بين يديه من أدوات رخيصة...
فالحكيم الذي فضّل المبادئ واختار – بإرادته الحرة- الطريق الأبعد والسعادة الأبدية عن وهميات مؤقتة ومصالح ضيقة، لا بد وأنه يحمل من الحكمة والتعقل والصبر والرزانة والحلم والتفاؤل مالايملكه ضيق النظر، المتشنج المتعجل، الغاضب، المتشائم، وعليه فجميع الأدوات في يديه وتحت سلطانه ولكنه مع قدرته، يرفض استخدام أدناها واستعمال أخسها.. على عكس البراغماتي الذي يملك أدوات أقل اتساعا وأكثر نذالة، أما أدوات الصبر والتخطيط الطويل والمبدأ وغير ذلك فلا يطيق الركون إليها ولا تتحمل حرارته المشتعلة برودتها...
ولذلك أستطيع أن أقول، إن أكثر الممارسات براجماتية "أي نتائج ملموسة" هي من أقدم عليها أصحاب المثل العليا رغم زهدهم في قطف نتائجها، وأكثر الخطوات "حماقة" و "فشل" هي من رسم صيغتها من كان يظن الناس بأنهم "الأكثر دهاءً وبراغماتية"...
وحقا صدق علي بن أبي طالب عندما حكى الناس عن خصومه واصفين دهاءهم، فباردهم قائلا "لولا التقى- أي التقوى- لكنت أدهى العرب..."، فانظر اليوم إلى "علي" ومكانته في عقول وقلوب المسلمين وغيرهم، وإلى حال خصومه، تجد الفارق! 

https://www.facebook.com/ashraf.moussa.92/posts/10154667261450428?match=I9mF2K3Yp9mI2YTYp9iqX9mB2YPYsdmK2Kk%3D

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق