الأربعاء، 25 يونيو 2014

رحل العقاد وبقيت الصهيونية !

منشور بالبديل الإلكترونى
http://elbadil.com/2014/06/25/%D8%A3%D8%B4%D8%B1%D9%81-%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%89-%D8%B1%D8%AD%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D8%A7%D8%AF-%D9%88%D8%A8%D9%82%D9%8A%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%87%D9%8A%D9%88%D9%86%D9%8A%D8%A9/
"رأس مال أخر مهدد بالضياع، وكلام لا يثبت منه إلا حقيقة واحدة، وهي أن إسرائيل محرومة من عوامل البقاء بغير المعونة الأمريكية وأن الأمم العربية تعرف ذلك كما يعرفه الصهيونيون." كلمات ختم بها الكاتب الكبير عباس العقاد كتابه القيم والمهمل فى الوقت ذاته " الصهيونية العالمية " فى الوقت الذى كان العقاد يراهن على وعى العرب بتلك الحقيقة الراسخة؛ ألا وهى أن الصهيونى كيان معدوم الفرص فى أن يبقى طويلا، وأنه كالجسد الهامد الذى مازال يحيا على نقل الدم وتغيير أجهزة التنفس والمسكنات التى كانت وقتها تأتيهم من " حفنة " قليلة من الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا، فكان تنبؤه بحتمية زوال الصهيونى سريعا قائما على أمرين قال عنهما " إن إسرائيل لن تعيش إلا بوسيلة من وسيلتين، فإما أن تظل عالة على التبرعات والمعونة الخارجية بغير انقطاع، ولا تستطيع دولة أن تعتمد على هذه الموارد في تدبير وسائل البقاء الطويل.والوسيلة الأخرى أن تعيش بمواردها في صناعتها ومرافقها التجارية والاقتصادية، وليس في استطاعتها أن تعيش بمواردها الصناعية وثروتها الاقتصادية حين يتقدم العرب في الصناعة، وحين تصبح لهم تجارة تناسب هذا التقدم في إخراج هذه المصنوعات." ولكن الزوال لم يلتهم حياة العقاد فحسب؛ بل ومضغ معه أحلاما وآمالا بتقدم العرب فى الصناعة والنمو والرقى لتحقيق المزيد من " عزل إسرائيل " بحيث يكون تلاشيها مسألة وقت لا أكثر مثلما توقع العقاد.
فتعجيز البلاد العربية إلى الأبد فى رأى أديبنا الكبير شرط لازم لبقاء إسرائيل معتمدة على مواردها، غير معتمدة إلى غير نهاية على صدقات المتبرعين ومعونة الحماة والنصراء من الدول الأجنبية، وينبغي أن تظل البلاد العربية عاجزة عن التقدم الصناعي، فريسة للمستغلين من الصهيونيين، لتعيش إسرائيل بثروتها وموارد صناعتها.
يا إلهى! لا أدرى ماذا أقول للعقاد إذا ما حل ضيفا مرة أخرى على دنيانا ورأى حالنا الهزيل بأم عينيه الآن!؟ هل أخبره بأن العرب لم تعجزهم إسرائيل عبر حصار اقتصادى أو تضييق سياسي دولى أو احتلال عسكرى مستدام؛ بل وصل الحال بهم إلى التطبيع مع هذا الكيان وتحقيق التبادل التجارى معهم بشكل يضعفنا ويقوى الصهاينة بمعزل عن ضخ الدم الأمريكى ؟! أم أتركه يتابع نشراتنا الإخبارية التى تحكى عن زيارات وبروتوكولات بين قادة العرب ومسئولى إسرائيل فى حين يقاطع العرب بعضهم بعضا ويستعينون بالأمريكان على اخوانهم ويكسرون عظام بعضهم بالصراعات الطائفية والدينية؟ أتراه سيتحمل ذلك المشهد وهو الذى قال بأن  "ثروة إسرائيل مثقلة بالتفاوت الكبير بين صادراتها ووارداتها، فوارداتها خمسة أضعاف صادراتها، ومادامت المقاومة العربية محيطة بها من جميع جوانبها فهي مضطرة إلى جلب الخامات من بلاد بعيدة، وإرسال المصنوعات إلى أسواق بعيدة لا تستطيع المزاحمة بتكاليف صناعتها الغالية."!؟ نعم لقد كانت المقاومة العربية فى زمنه أمرا بديهيا لأمة مازال تحتفظ ببعض من كرامتها وشيء من وحدتها؛ فى الوقت الذى باتت المقاومة الآن مختزلة فى بضعة آلاف من المقاتلين الذين يعانون من حصار الدول العربية لهم والتضييق عليهم وكافة أشكال النيل من نواياهم وتوجهاتهم وطوائفهم إلى حد أن تم الزج بهم فى صراعات طائفية ونزاعات " عربية – عربية " أضعفت كثيرا من قوتهم التى كانوا يستمدوها من تأييد شعوبنا العربية – دون الحكام والأنظمة، فماعادت الدول تقاوم أو حتى تقاطع؛ لقد باتوا يقاومون أنفسهم ويستميتون فى تمزيق بنيانهم الاجتماعى وتماسكهم القائم على وحدة اللغة والعادات والتقاليد والظروف والبعد الحضارى الإسلامى..
لقد رحل العقاد ومازال الكيان الصهيونى قائما؛ لا لأن العقاد أخطأ فى نظريته أو قانونه القائل بأن ثمة علاقة عكسية بين قوتنا ووحدتنا ومقاطعتنا للصهاينة وبين مجرد بقائهم لسنين أخرى قادمة؛ بل لأن العقاد ذهب آخذا معه الوعى والإدراك وتاركا لنا تلالا من عنجهية الجهل المركب أصابتنا لدرجة أننا ونحن نقتل أنفسنا ونمزق أشلاء وحدتنا وتماسكنا؛ يصيح جرحانا قائلين: هو احنا إيه مشكلتنا مع الصهاينة؟ مانعيش مع بعض فى سلام وخلاص!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق