الأحد، 22 يونيو 2014

وجه مصر الحضارى

منشور بالبديل عدد 21 بتاريخ 11-6-2014



"1"
صرف الخديوى إسماعيل أكثر من مليون جنيه مصرى ليقيم احتفالا ضخما بمناسبة افتتاح قناة السويس وكانت حجته آنذاك " إظهار وجه مصر الحضارى" .. إنه وجه مصر المبتسم المحتفل دوما بالانتصارات والذى يخفى معاناة غالبية هذا الشعوب المنهوبة ثرواته والمقهورة حقوقه فى الصحة والتعليم والعيش الكريم ..
هذا وجه مصر" الزائف "  الذى لطالما حاول المستبدون على مر الأزمان كثيرا أن يظهروه لا لأنفسهم ولا للعالم فحسب؛ بل للشعب نفسه حتى نصل إلى درجة تجعلنا لانصدق أننا فعلا نعانى؛ بل نحن سعداء ! نعم فالجو حار جدا رغم برودته لدرجة تجعلنى أخلع معطفى الثقيل من شدة الحر " مثلما كان المشهد الكوميدى يحكى" ..
"2"
استغربت جدا من تعليق أحد " المحللين " الذى يصف أغانى ثورة يناير بالحزينة " مبديا استياءه من ذلك " دون أغانى تلك الأيام المتسمة بالفرحة والتراقص! ألا تدرى ياسيدى أن وجه مصر الحقيقى " الفقير المسكين المستضعف " وفى نفس الوقت " الأبى الكريم الشجاع المتسامح " قد ظهر فى ثورة يناير حتى وبعد انتصارها الجزئى بتنحية مبارك كانت الفرحة حزينة ليس فقط بسبب عدد الشهداء والمصابين، بل لأن الوقت القادم كان وقت البناء الذى ظن كل مصرى حينذاك أنه بات شريكا فيه ومتحملا لمسئولياته .. فالأمل غطى مشاعر الفرحة وحماس البناء  كان أقوى من لذة الانتصار.
والآن ماذا ترى ياسيدى " المحلل " وجه مصر الحضارى؟ احتفالات صاخبة وراقصة تمتزج بمظاهر يستهجنها كل إنسان " سليم النفس والفطرة " وتنتهى بحالات التحرش الجماعى؛ بل والاغتصاب الكامل أيضا كما شاهدنا؟ هل هذا وجه مصر الحضارى الذى يعبر عن ملايين الناس ؟ شعب فى منتهى السعادة لدرجة الرقص الجنونى المصاحب لنوبات التحرش المتكررة؟؟
" 3 "
وجه مصر الآن – وربما فيما بعد- لن يرسموه معبرا عن حجم معاناتنا ، بل بما مايملئون به  أوهامنا ومداركنا بالأغانى الوطنية التى تقشعر لها أبداننا والتى لن تحدثنا عن آمال قادمة .. فقط ترسم لنا صورة  خيالية عن " المجد " الذى نحياه الآن والذى بموجبه نعيش أسمى لحظات الإنسانية لأننا فقط نحيا فى رحابه ونستمد حياتنا من وجوده ! نعم فقد بات مجرد " وجودنا " أحياء فى هذا الوطن  نعمة كبيرة كاد أن يسلبنا منها أسلاف ذلك النظام فجاء الأبطال ليعيدوا لنا فقط " الحياة"، بالتالى فالتماس الكرامة أو الكفاف الذاتى أو الحرية منهم يجعلنا نبدو وكأننا " عشمانين فى كرم زائد " لا مطالبين لأبسط الحقوق وأدناها، لأن مجرد العيش فقط بات هبة عظيمة يستحق مانحوها أن نشكرهم علينا دون المطالبة بالجملة كاملة " العيش الكريم" فالشطر الثانى لم يعدنا أحد بتحقيقه فعليا ..
"4"
عشرات من الآلاف فى السجون ووجه مصر مازال الإعلاميون يصرون على أنه "فى كامل الامتنان" للرئيس عدلى منصور على نجاحه فى فترة رئاسته المؤقتة ! لم نستغرب ذلك عندما كان وجه إعلامنا يهلل فرحا بانتصارات كرة القدم بينما كان يموت مواطنونا من طوابير العيش وتصادم القطارات ..
محدش شاف " وجهنا الحقيقى " ياجدعان؟




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق