السبت، 27 سبتمبر 2014

رهان لامحل له واعتذار واجب !


منشور بالبديل الأسبوعى عدد35 بتاريخ 24-9-2014
وعلى هذا الرابط 
كنت قد كتبت مقالا منذ عام تقريبا بعنوان " كلام بالعامية عن النظام وخروجنا مالتبعية " مرجحا فيه أن يتمتع النظام الحالى بنوع من البراجماتية الذكية ومدركا كيف أن تعامل جميع ماسبقه من أنظمة مع الأمريكى وابتعادهم عن مطالب الفقراء والمهمشين أدى إلى مزيد من الإفقار والفلس وخسران مكوناتنا الاقتصادية والسياسية الذاتية بل ومفرداتنا الاجتماعية بحيث خضع الجميع لإرادة المستثمر الأمريكى والسياسي الصهيونى مما زادنا فقرا على فقر وهما يضاف إلى همومنا المجتمعية وأزماتنا المتنوعة مسجلا حالة غير مسبوقة من العجز والفشل .
وأضفت أن الإنسان الذكى والمستوعب دروس مامضى ؛ مهما كان اتجاهه ونيته – ملاكا كان أم شيطانا – من الضرورى أن يكون على أولوية أجندته التخلص من التبعية للقرار الأمريكى وتحرير إرادتنا الاقتصادية والسياسية حتى يتسنى لنا الاستفادة من مواهبنا وطاقاتنا بعيدا عن شروط مقيدة يحددها البنك الدولى ليست فى صالح المواطن الفقير كرفع كافة أشكال الدعم تحت ذريعة تخلص الدولة من إرهاقها وتسليم ذلك إلى الشركات الخاصة – وما أدراك ما الشركات الخاصة ! بل وراهنت على أن انحياز النظام للفقراء ومتطلباتهم بات أمرا حتميا لاسيما أن كثير من الجموع الشعبية ملتفة حول تبنى أى مشروع وطنى وفى أشد درجات الحنق على مخططات الأمريكى فى المنطقة إلى درجة جعلت وسائل الإعلام تهول كثيرا من زيارات الرئيس السيسي الأولى إلى روسيا لعلمها بتوق الشعب إلى السياسات التحررية بعيدا عن القالب الأمريكى الفاشل . ولكن للأسف خاننى ظنى فى تلك المرة والذى كان دافعه أن براجماتية هذا النظام ورغبته فى الاستمرار فى الحكم مرهونة باتخاذ تلك القرارات المصيرية وأن أى اتجاه ينزوى فيه السياسيون مرة أخرى تحت الجناح الأمريكى سيعد حماقة لا يمكن أن يتصف بها أى براجماتى فى القرن الواحد والعشرين فضلا عن كونها تتعارض مع اتجاهات أصحاب المبادئ " وهم الذين استبعدنا وجودهم من الأساس سواء فى صف النظام أو المعارضة أو كافة النظم السابقة " !
ففى خطوات سريعة متلاحقة سارع النظام الحالى إلى الملجأ السعودى والإماراتى " مثلما كان يفعل مبارك " وأقحم نفسه فى مسألة أمن الخليج مقدما نفسه كجلاد قوى تحت أمر دول الخليج طالما ستمده تلك الدول بشراء السلاح والعتاد سواء من الأمريكى أو من الروسي نفسه كمحاولة لشراء الصوت السياسي الروسي وإبعاده من تأييد النظام السورى وتفكيك التحالف الروسي الإيرانى من جهة أخرى ..

لم يتمنع النظام الحالى من لعب نفس دور مبارك " وهو الدور الذى يحذر الأمريكان من الإرهاب وفيه كان مبارك يقدم النصح للأمريكان وكأنه عضو فى لجنة السياسة الخارجية الأمريكية مبرزا كيف أن تدخلها فى العراق سيهز من وضعها بالمنطقة ويؤثر على مصالحها ووو " والآن بات نظامنا يطرح نفسه على أنه المتصدى للإرهاب بالمنطقة بتمويل سعودى إماراتى محققا أقصى إفادة للمصالح الأمريكية ومغازلا الأمريكى للاعتماد عليه وهو ماتحقق جزئيا عندما ضم الأمريكى إليه القطرى والتركى " أعداء الأمس " ليكتمل إبطا الأمريكى فى المنطقة ! شعرت بالاندهاش وأنا أرى بأم عينى أن براجماتية النظام مازالت تعول على الكيان السعودى الميت إكلينيكيا والواقع تحت قبضة الشيعة بالشرق والحوثيين بالجنوب وداعش من جهة ثالثة إضافة إلى الأزمات الداخلية فى الأسرة الحاكمة مع تصاعد التفكك المجتمعى السعودى والتى ماعادت سياسة ضخ الأموال تؤتى نتائج طويلة لحل أزماته .. ومازال النظام يراهن على الانطواء تحت الامريكى الذى بات أكثر الأنظمة كراهية فى وسط الشعب المصرى ! أين إذن أوباما الاخوانى والأمريكى الذى أدخل "الإرهاب" فى المنطقة عندما نتحالف معه ومع تركيا وقطر " دول الإرهاب " للقضاء على " الإرهاب " فى المنطقة ! وأين حظوظ الفقراء والمستضعفين وسياسات إلغاء الدعم تسير بشكل تصاعدى ثابت بشكل يجعل تطبيق الحد الأدنى للأجور حبرا على ورق ؟ وأين محاربة الفساد والحزم فى تطبيق الحد الأقصى أم أن صندوق تحيا مصر بات مستودعا للتوبة والتطهير يتبرع فيه بعض رجال الأعمال بالفتات ممن امتصوه من خيراتنا وثرواتنا بدون وجه حق، بل ويمن بعضهم فى وجه النظام نفسه بأنهم قدموا الأموال مساهمين فى التغيرات السياسية الأخيرة ! فى النهاية أعترف بأنى مخطئ برهانى على مخاطبة منطقة الذكاء البراجماتى لسياسيينا الحاليين، فللأسف اكتشفت أننى أخاطب منطقة لاوجود لها ونظام مازال يتعامل خارجيا وداخليا بطريقة مبارك ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق