الثلاثاء، 16 سبتمبر 2014

الحياة جميلة ياعمر !



منشور بالبديل الإلكترونى على هذا الرابط 
 
كان صديقى رقيقا مرهف الحس، بدأت مرحلته فى كتابة الشعر متأخرا قليلا – حسبما حكى لى –  حيث وجدته ينهل من فنون الأدب العربى أكثر ممايكتب، فيختزن معان تضاف إلى حصيلته اللغوية القوية وأحاسيس تتراكم ليحتال نهر مشاعره العذب إلى محيط من الأمواج العالية التى قررت أخيرا الرسو فى شواطئ دواوين أشعاره لتنسج قصائد فى منتهى العمق اللغوى والأدبى والرومانسي. تابعته بشغف فى تليفزيون أبو ظبى وهو يلقى أشعاره الرائعة فى أول مسابقة لأمير الشعراء فينال استحسان الجمهور ولجنة الحكام لدرجة جعلت شدة رومانسيته تجبر اللجنة على منحه جائزة خاصة بعنوان " شاعر الرومانسية " ، لتذهب جائزة أمير الشعراء لشاعر آخر مبدع كان فارقه عن صاحبنا أن مواضيع أشعاره تنوعت بين هموم المجتمع والرومانسية، لذلك  لم أجد له اهتماما مباشرا بالسياسة بقدر ماكان يهتم بالفنون وألوان الأدب المتنوعة لتتوالى رحلاته فى أوروبا وحصوله على جوائز عدة مثل فيها وطننا الغالى خير تمثيل فى المحافل الأدبية الدولية والعربية.
عمر حاذق ! الفنان والأديب الخيالى الذى حلم برومانسيته المعهودة بوطن تعلو فيه قيمة الإنسان وتحلق فيه أرواح المبدعين إلى عليائها دون قيود تقصقص من أجنحتهم مثلما اجتزت من قبل كرامة الإنسان وأفقدته حبه للحياة وانتماءه للوطن. كان حاضرا فى وقفة سلمية أمام المحكمة بالإسكندرية على هامش قضية خالد سعيد لكن قانون التظاهر أبى إلا أن يتدخل محاولا اغتيال حرية عمر وأصدقائه من المثقفين والمبدعين والحالمين بغد أفضل ، فزج به هذا القانون الغاشم فى السجن لدة عامين
"الحياة جميلة حقا يا أصدقاء رغم كل شيء !" هكذا قال عمر فى رسالته الأخيرة التى أرسلها من سجنه ! والتى  عقبها بقوله " فور أن رأيت نسخة الرواية الجديدة (روائي المدينة الأول) في زنزانتي هنا، تذكرت أخي وصديقي شريف فرج، الذي كان أول من رأى النسخة الأولى من روايتي الأولى في سجن الحضرة.. شريف الآن بينكم ولعله يقرأ هذه الكلمات على اللاب توب ويذكرني بالخير إيه في أمل، مرة أخرى، ومرة أخرى: رغم كل شيء، ورغم كل (قمع لحريتنا).. هنا أول من رأى النسخة الجديدة من روايتي الثانية (القصيرة) هو أخي الأصغر إسلام حسانين، الطفل الريفي الكبير الذي مات أبوه حسرة عليه " هكذا هو عمر لم يتغير منذ عرفته ولم تؤثر فيه الصدمات المتتالية التى تلقاها، من أول مشكلته فى مكتبة الإسكندرية ونضاله هو ورفيقه الراحل " محمد يسرى سلامة " ضد مناطق الفساد فيها إبان ثورة يناير، ومرورا بسجنه الأخير بل وتجريده من وظيفته بالمكتبة ! لم يفقد عمر حسه الرومانسي ولا حبه للأدب  والناس وإقباله على الحياة
الحياة جميلة ياعمر لأن قلمك الذى أنتج قصتك " لاأحب هذه المدينة"  بجوار برميل قمامة وتشكيلة مدهشة من الصراصير في سجن الحضرة؛ مازال يخط فى رواية ثالثة – فى سجن برج العرب - بعنوان رواية " الحياة باللون الأبيض" بعد انتهائه من ثانية بعنوان " روائى المدينة الأول " !
الحياة جميلة ياعمر لأن الإنسان بداخلنا مازال يقاوم !

الحياة جميلة ياعمر لأن أمثالك من الأنقياء حاضرون فيها !




 .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق