الجمعة، 28 نوفمبر 2014

عن الإرهاب ومواجهته 3

منشور بالبديل الأسبوعى بتاريخ 26/11/2014
وعلى هذا الرابط
كيف نقضى على الإرهاب الذى ماعاد تهديدا خارجيا فحسب، بل ونبت داخلى ينمو بقوة ويهدد أمننا القومى بشكل متسارع ؟
أولا : قبل أى مواجهة ينبغى أن نوجه سؤالا لأنفسنا. هل نظامنا الحالى بأدواته الأمنية والقضائية والإعلامية والنخبوية ومؤسساته الدينية ومنظماته المجتمعية يتسم بالعدالة فى حكمه على الآخر وتقديمه البديل وإجراءاته وأدواته فى المواجهة؟ قطعا الإجابة بلا وقد تحدثت عنها تفصيليا متناولا الشق الأمنى وملمحا إلى خلل قانونى " قانون التظاهر " وكذلك سياسي سواء فى التعامل مع جماعة الاخوان ومؤيديها والمتعاطفين معها بشكل واحد ومساواتهم بالإرهابيين الحقيقيين، بل وخارجيا التنسيق مع الأمريكى والسعودى من أجل المواجهة سويا لتيارات التكفير الداعشي !
أما على المستوى النخبوى فلا يمكن لضابط شرطة يظهر فى الأجهزة الإعلامية  وهو يقرأ كتابات سيد قطب ويحللها من الناحية " الفكرية " ويوضع أوجه الخلل الفلسفى فيها؛ أن يكون مقنعا لشباب ينهمك فى قراءة كثير من أفكار مفكرين وفلاسفة آخرين. ومقارنة ماوصلوا إليه من قراءات وأفكار مع عقل هذا الشرطى المتقاعد يتجاوز المسافة الضوئية بين الأرض والشمس ! ولايمكن لبعض العلماء الأزهريين الرافعين شعارات مواجهة الفكر " الوهابى " أن يحظوا بالمصداقية والمقبولية ومنهم من كان يطبل لنظام مبارك السابق ويصف رئيس الجمهورية الحالي بأنه مبعوث الرحمة الإلهية كما المسيح، بل والبعض الآخر من المعتادين على الجلوس فى موائد السعودية وضيافة خادم الحرمين ! وآخرين وصل بهم الحال إلى القطيعة مع الجانب السعودى والجلوس على المائدة الإيرانية .. وكأن إدمان الجلوس على الموائد مرض لم يستشفوا منه بعد ! هل هؤلاء وأمثالهم من إعلاميين، نعرف جميعا تاريخهم القريب قبل البعيد، قادرون على مواجهة الأفكار المتطرفة وإيجاد الطرح البديل الذى يروى ظمأ الشباب الجائع للمعرفة والمتعطش للعدالة والأطروحات المفعمة بالقيم الأخلاقية؟ .. الإجابة بكل ثقة أن نظامنا الحالى - بأدواته المتنوعة - ليس قادرا على المواجهة والحل إن لم يكن هو نفسه سببا أكبر فى تفاقم الأزمة كما أوضحنا فى مقالاتنا السابقة وكما قد يستشعره أى إنسان يشاهد حلقات تليفزيونية تواجه فيها المذيعة ملحدين ومشككين بشكل يثير الضحك والغثيان فى نفس الآن !

ثانيا : إن المواجه للإرهاب ينبغى أن يملك جانبا من الوعى بالظروف التاريخية والموضوعية لنشأة تلك التيارات، من يدعمها ويقدم لها الهواء النقى للحياة والنمو، وما السبيل إلى وأدها بالحجة والدليل البعيد عن الإقصاء والتخوين، فمن يتهمك بالكفر لايمكن أن تواجهه باتهامك له بالخيانة الوطنية. فلتقرأوا كيف واجه الإمام على بن أبى طالب الخوارج بالحجج القرآنية والأدلة العقلية المستمدة من الدين نفسه " وهو الأرضية المشتركة بين الطرفين والتى يمكن احتكامهما إليه " بل وكيف نجح فى إقناع الآلاف منهم مرة أخرى فى العودة لصحيح الدين والعقيدة، وفى الوقت الحاضر قارن بين كلمات الإمام علي فى حقهم وبين كلمات بعض مشايخ الأزهر التى تتعامل معهم كما الوباء القاتل والجراثيم التى ينبغى أن يدوسها النظام بكل حزم ، فلا حوار ولا أرضية مشتركة بيننا، لهم قرآنهم ولنا قرآننا ! لعمرى أين ذهب العلماء الذين تحدثوا مع الجماعة الإسلامية فى الثمانينيات والتسعينيات ونجحوا فى إقناعهم وقتها بالتوبة ؟ فالأزهر الآن مشغول بإحياء الاتجاه المتصوف " الذى لايحمل معه أى رد أو حجة للإقناع " والدكتور على جمعة منشغل بالهجوم على ابن تيمية وعلماء التيار الحشوى فى حالة تعكس غيابا تاما لآليات الحوار البناء  المدعوم بالحجة والدليل دون الهجوم والاتهامات !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق