الخميس، 15 مايو 2014

مستوى آخر من التدنى الأخلاقى !

منشور بالبديل الأسبوعى عدد 17 بتاريخ 14-5-2014



بعد أن تحرش مجموعة من الشباب بالبنت المظلومة؛ و أمام أبيها المسكين؛ ظل الأب يصرخ فى الشارع «ابنتى السبب !! هى من جعلت الشباب يتحرشون بسبب ملابسها الضيقة، لقد رفضت أن تنزل إلى الشارع بهذه الملابس الملفتة لكنها أصرت على ارتدائها !»، بينما كان المارة يحاولون إخماد ثورته الغريبة وتوضيح أنه لا توجد مشكلة فى ملابس ابنته، ولا يجب لومها على خطأ لم تفعله  !

لم تكن الغرابة فى التحرش! أقولها وأنا أتألم لأن مظاهر التحرش باتت – على خستها – معتادة فى أخبار الحوادث واليوتيوب والبرامج ، كما لن نستغرب أن مهرجانات التحرش فى أعياد المسلمين والمسيحيين وأعيادنا القومية قد تكتسب صفة المسابقات الرسمية ، مثلما سمعنا عن " بطولة العالم فى الشيشة " مثلا !

لكن الغرابة فى أن تنتهك آدمية البنت أمام أبيها لدرجة تجعل هذا البائس يدارى ضعفه وانتهاك كرامته وقوامته بأن يصب غضبه فى ابنته !! وبعيدا عن الجدل السطحى البغيض والثنائية المقيتة حول " من المسئول .. البنت وملابسها أم الشباب المتحرش " والذى لايحل المشكلة لأن توصيفها الحقيقى غائب للأسف ..

المشكلة تعدت غياب الأخلاق والفضيلة عند الجميع؛ شباب فقدوا كل صفات الإنسانية والأخلاق؛ بل وصل التمادى لا إلى سلب الفتيات حياءهن وكرامتهن ؛ بل إلى فعل الفحشاء أمام أهاليهن أيضا ! مالرسالة التى ينبغى للآباء أن يتلقوها حينئذ عندما يتحرش " أشباه البنى آدمين " ببناتهم؛ وما مغزى أن تتحرش بالزوجة أمام زوجها ؟
لم يعد كافيا أن ننزع من الأنثى كرامتها وحقوقها فحسب؛ بل من الضرورى أيضا أن نقتل فيها احترامها لوالدها واحتمائها برب أسرتها؛ وهى آخر معاقل الأمان لديها؛  وهو واقف عاجز عن مقاومة الذئاب، ولا مانع أيضا أن نسلب منه إحساسه بالشهامة وهو حامى الأسرة ومصدر أمانها.

نعم إنه تطور خطير فى مستوى التدنى الأخلاقى وانحدار يستحق " وقفة " مجتمعية كاملة فى التعامل معه !! وقفة ؟؟ ماهذا الذى أقوله ؟؟ لم يقف أحد منذ البداية على التدنى الأخلاقى الذى أصابنا من جراء الانفتاح فى السبعينيات؛ ولم يقف أحد أمام ظاهرة البلطجة التى بدأت فى التسعينات عبر رجال الأعمال الذين أدخوا موضة " البودى جارد " فى مصر وزادوا من جبروتهم إلى حد لانتصوره؛  ولم نقف أمام الزيادة المفرطة للعشوائيات ولم نتحرك ونحن نرى الشتائم البذيئة ورفع الشباشب فى برامج التوك شو؛ بل رأينا كيف أن الأكثر " بلطجة " ينال حقوقه والأكثر بذاءة يتصاعد فى المناصب، فلماذا نقف أمام ذلك المشهد والسينمائيون والفنانون أنفسهم لم يقفوا لمقاومة ظاهرة أفلام الخسة والجنس التى تهدد مصداقية الفن بوجه عام ؟  لماذا لا نقف أمام الانتهاك الصارخ لحقوق الناس ونحن نرى آلاف السجناء بلاذنب سوى أن منهم من رفع لافتة أو وضع " دبوس " أو ذهب للتسوق أو عاد من امتحان فتصادف وجوده مع مظاهرة فتم الزج به فى السجن لأن " شكله باين عليه اخوان " .. ثم يطلب منا أن نقف أمام مشهد التحرش هذا ..
العدالة والشرف والكرامة قيم لا تتجزأ أيها السادة ؛ ومن يعجبه انتهاك كرامة المسجونين ظلما؛ لا خير فيه وإن أسخطه انتهاك شرف وكرامة البنت وأبيها. فى الحقيقة لقد سحبت ندائى " بالوقفة " وذلك لقلة السامعين وندرة العاقلين؛ فقط يتبقى لى شجبى ورفضى واعتراضى لكل مظاهر التدنى الأخلاقى ومستوياته ؛ فقط معذرة إلى الله وكفى بالله ناصر وشهيدا .. 

هناك تعليق واحد: