السبت، 5 أبريل 2014

كيم فوك .. قصة لم تنته !

منشور فى جريدة البديل الأسبوعى ، عدد 10 بتاريخ 26-3-2014



http://elbadil.com/2014/03/27/%D8%A3%D8%B4%D8%B1%D9%81-%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%89-%D9%83%D9%8A%D9%85-%D9%81%D9%88%D9%83-%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D9%84%D9%85-%D8%AA%D9%86%D8%AA%D9%87/
صورة لطفلة فيتنامية عارية تهرب مذعورة من القصف الأمريكى لقنابل النابالم على قريتها
هذه الصورة التى أنكرها الأمريكيون فى البداية واعتبروها غير حقيقية " حاجة زى فوتوشوب كدا " التقطها مصور وكالة الاسوشيتد- برس لتصبح الأشهر والأكثر إيلاما وإبداعا فى نفس الوقت بما تمثله من إسقاط واقعى لماحدث وقتها فى فيتنام
خرجت الطفلة هاربة مع عائلتها، فظهرت في الجو فجأة فوق القرية طائرات اميركية بدأت ترمي بالنابالم على القرية ظنا منها أنها تهاجم مقاتلي المقاومة الفيتنامية. ثم اشتعلت النيران بجسدها الصغير، وكما تحكى تلك الطفلة : "لا سيما على اليد اليسرى، ولذلك احترقت ثيابي. لقد بكيت وهربت من النار، وكان الأمر معجزة أن أرجلي لم تحترق، ولهذا تمكنت من الفرار. "
وعندما وصلت كيم إلى المراسلين كانت من البكاء والصدمة بحيث لم تتمكن من شرب الماء، حتى أغمى عليها عندما صبّ أحد السفهاء من الجنود الماء على جسمها المحترق بالنابالم !.
ما يهمنا من تلك القصة المأساوية أن كيم فوك – والتى تعيش اليوم في تورنتو الكندية مع زوجها وطفلين – جمعها لقاء عاصف  مع الطيار الأميركي الذي قام بتنسيق هجوم الطائرات الفيتنامية الجنوبية التي هاجمت قريتها حينذاك؛ اللقاء كان فى واشنطن أثناء المشاركة في احدى احتفالات المحاربين القدماء ممن شاركوا في حرب فيتنام، وخلال اللقاء سامحته على الفعل العنيف الذي ارتكب بحقها  وماكان من الطيار – المرهف الحس – إلا أن بكى كثيرا شاكرا إياها على صفحها وتسامحها ..
هل انتهت القصة وأدرك الأمريكيون حماقاتهم وفظائع جرائمهم الوحشية فى حق الإنسانية ؟
لا ، فالقصة لم تنته و الخاتمة السعيدة لم تحن بعد، فدموع الجندى قد جفت بمجرد مغادرته الحفل، وسرعان ما سيعود إلى " رشده " حتما بمجرد أن يشاهد أحد أفلام المارينز الأمريكى التى يقشعر لها بدنه ويفخر بكونه جندى أمريكى يدهس القيم الإنسانية تحت حذاء الأمن القومى الأمريكى
القصة للأسف مازالت تتكرر؛ ويوسفنى ألا أستطيع أن أرويها لأولادى كحدوتة قبل النوم لأنى سأضطر أن أقص عليهم أيضا حكاية كيم فوك العراقية، وكيم فوك الأفغانية والفلسطينية واللبنانية، وكيم فوك التلميذة بمدرسة بحر البقر .. سأستمر فى الحكى حتى يحين موعد المدرسة صباحا ليتجه بعدها الابن العزيز إلى مدرسته " اللغات " ليسمع فيها حكايات أخرى تتغزل فى حرية العيش الأمريكى ونعمة الإنسانية هناك !
لم تنته القصة لأن أحدا من أباطرة رؤوس الأموال وتجار الطاقة والسلاح والمدبرين  لتلك الحروب لم يكونوا حاضرى ذلك المشهد المؤثر
لم تنته القصة لأننا نحن – ضحايا الهيمنة الأمريكية – لم نعد نتأثر بما حصل لنا من ظلم وقهر وفقر من جراء هذا النظام الدولى القاسي الذى تتزعمه أمريكا وحلفاؤها، لم نعد نبكى على فقرائنا وننعى شهداءنا ونجمع شتات شملنا للمقاومة والمواجهة ..
كيم فوك ..  قصة لم تنته ، ربما لأن السبب أن تلك السيدة – والتى احتاجت لأكثر من خمس عشرة عملية جراحية حتى تتعافى من حروقها – سامحت الأمريكيين دون قيد أو شرط ، دون أن تقول لهم " مسامحاكم بس متعملوهاش فى حد تانى الله لايسيئكم " .. مقولتيهاش ليه يا مسز فوك ؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق