الجمعة، 18 يوليو 2014

الطريق من فلسطين

منشور بالبديل الأسبوعى، عدد 26 بتاريخ 16-7-2014



إذا كانت قضية البغدادى انتظار المبايعين له بالخلافة لإعلان الحرب المقدسة على باقى "المسلمين " والعرب فالعذر كل العذر له لئلا يبعث جنوده المجاهدين " أسود السنة وأشاوس التوحيد " لكى يقاوموا الصهاينة وينصروا فلسطين !
أما الاخوان فى مصر المجاورة؛ بل الملاصقة لغزة المنكوبة، فلا هم لهم سوى التغطية الإعلامية لمآسي الانقلاب الذى مازال يترنح؛ وقضيتهم الأساسية – إن كانت لهم قضية وجودية يحيون عليها الآن – هى عودة مرسي إلى الرئاسة مع الوقوع الأحمق المتهاوى فى فخ الطائفية عند تناولهم لمايحدث من أزمات فى شتى البقاع العربية، بالتالى لاتملك إلا أن تعذرهم فى مصابهم الجلل وجزاهم الله خير الجزاء لو أصدروا بيان إدانة للممارسات الصهيونية وتحميس للمقاومة الفلسطينية الحرة !
أما صاحب مبدأ " مسافة السكة " والذى أطلق شعار جهوزية الجيش للدفاع عن الأمة العربية وأمن وسلامة الدول مندرجة تحت لواء العروبة؛ فقضيته وبوصلته لخصها واختزلها فيما يسمى بأمن " الخليج " ! نعم فالعروبة الآن لم تعد تعنى اتجاها ناصريا داعما لثورات التحرر العربى ضد عروش الملكية وتحرير فلسطين؛ بل صار أميرها وقائدها سماحة الملك عبد الله خادم الحرمين الشريفين المنزعج كثيرا من التهديدات الخارجية لأمن الخليج من القوميات غير العربية كالأتراك والفرس، أما بخصوص الصهاينة فسيتكفل الأمير تركى الفيصل بالدعوة الصادقة للسلام مع الصهيونى فى حل يتيح تواجد الدولتين لأنه وكما ينص مقاله فى صحيفة "هآرتس": "الآن هو الوقت المناسب لفرض السلام الذي يتمناه جميع الناس، أهل النيات الحسنة، أكثر من أي وقت مضى " متمنيا - كما يقول - القيام بزيارة المتحف الإسرائيلي "ياد فاشيم" وحائط المبكى،مثلما زار من قبل متحف المحرقة في واشنطن. وحتى يعم السلام مع الصهيونى على أراضينا العربية فينبغى أن نغض الطرف عن الضربة الصهيونية لفصائل الإرهاب الفلسطيني الرافضة لتلك المبادرة لعلها تكلل بالنجاح ونتخلص من ذلك الصداع المسمى بالمقاومة إلى الأبد.
نعم لم تعد فلسطين قضية العرب؛ فمنذ عشرات السنين وتحديدا بعد اتفاقية كامب ديفيد لم تعد قضية التحرير همنا الشاغل بفضل ثمار تلك الاتفاقية والتى لم ينتج عنها الرخاء ولا الأمن الذى حلم به السادات ورفع من أجله شعار مصر أولا ! ومن بعدها تخلى باقى حكام العرب عن تلك القضية حتى باتت تتبناها الشعوب العربية التى ماتنفك تضغط على حكامها كلما زاد حجم انتهاكات الصهاينة أو بالتزامن مع الانتفاضات الفلسطينية المتعاقبة.
نعم لم تعد وللأسف قضية كثير من شعوبنا العربية أيضا؛ والذين لم يعد يشغل بالهم إلا قتال بعضهم البعض تعصبا للطائفة والعرق إلى الحد الذى جعل تلك القضية هامشية فى محاضر أولوياتهم بل قد تضحك عندما يحكى لك أحد هؤلاء الطائفيين أن الطريق إلى القدس يجب أن يبدأ بإسقاط بشار والمالكى والزحف نحو إيران وربما روسيا إن كان التعصب للطائفة السنية؛ أو أن الطريق إلى القدس يجب أن يكون عبر تفكيك السعودية وإسقاط أردوغان والنيل من الاخوان وحماس إن كان شيعيا متعصبا، فإذا كان الطريق للقدس جغرافيا فى منتهى السهولة، فإن الاستقطاب الشعبى الحاصل الآن فى أمتنا قد صور للجهلاء أن هذا الدرب الوعر الصعب المليئ بالأشواك سيتمهد بأشلاء العرب أولا وأن دماء الفرس والأتراك مقدمة على تحرير فلسطين؛ بل هى بوابتنا للقدس ! لا أدرى أأضحك أم أبكى عندما تتأذى طبلة أذناى دوما بالتقاط تلك القاذورات الفكرية التى لاتقل جهلا وحماقة عن روث من نوع آخر ينادى بضبط النفس ويحمل المقاومة مسئولية موت الفلسطينيين الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ من أجل عيون حفنة من المقاومين الذين لايجب أن ينالوا حقهم فى تحرير الأرض والشرف والكرامة حفاظا على أولادهم ونسائهم ! لاتستغربون فهناك ما هو أفدح عندما تسمع من يقول إن مايحدث هو حرب بلاستيكية تمثيلية بين الصهاينة والمقاومين الفلسطينيين متفق عليها للتآمر على أمننا القومى المصرى وربما يدخل فيها التركى والقطرى لخلق بلبلة تسمح بإعادة مرسي إلى الحكم مرة أخرى !!
هكذا صرنا؛ حكاما وشعوبا لاتحمل أجندة أولوياتنا قضايا تتعلق بالتحرير والوحدة والعدالة، بل نشأت منا فصائل مسلحة عديدة لاتستخدم بنادقها إلى فى مواجهتنا نحن! وقضيتنا التى كانت المسار الوحيد لتوحيدنا؛ صرنا نختلف على ماهيتها وأولويتها والطريق المؤدى إليها أكثر وأكثر؛ فبدل التقاتل من أجلها، بتنا نقاتل بعضنا حولها ! وختاما لا يسعنى إلا أن أناشد المقاومين الفلسطينيين بألا يعتمدوا سوى على أنفسهم وطاقاتهم وإيمانهم بقضيتهم وليعلموا أن فى ذلك الزمن وتلك الفترة لاطريق للقدس إلا من داخل فلسطين، لاعبر سوريا ولا الأردن ولا إيران أو تركيا ولا القاهرة ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق