الاثنين، 9 ديسمبر 2013

التجرد

التجرد
22-6-2011
 
كلمة سهلة النطق ولكنها صعبة التطبيق .. عدم التجرد فى البحث عن الحقيقة هى آفة وقع فيها الكثير من الفلاسفة والعقلاء و الساسة .. فليس شرطا أن تكون عاقلا ومنطقيا فى تفكيرك حتى تتوصل إلى النتيجة السليمة أو الدين الصحيح أو المذهب الحق أو النظرة التحليلية الصائبة فى أى أمر من أمور معايشك فقط .. عليك أيضا بأن تتحلى بالتجرد التام والتمتع بالحياد قبل إقدامك على التفكير المنطقى العقلانى كى تصل إلى اليقين والقطعى فى رحلة بحثك عن الحقيقة .. عشنا سويا فترة صعبة وعصيبة واختبارات عديدة للتجرد فى فترة بداية الثورة وللأسف وقع فيها الكثير من الناس والمشاهير وحتى علماء الدين الذين كنا نحمل لبعضهم معانى الاحترام والتقدير ولكن والحمد لله نجح الكثر منا فى اجتياز تلك المرحلة الهامة وطبقنا سويا قواعد منطقية سليمة نوجزها كالتالى
نعانى من الفقر والبطالة وانحدار كرامتنا امام اقسام الشرطة (مأساة خالد سعيد) وانحدار المستوى الاجتماعى والاخلاقى .. وعلى الجانب السياسى سقطت مصر فى أحضان اللوبى الأمريكى والصهيونى وصدرنا الغار للصهاينة بأبخس الأثمان .. وبالتالى ضاعت هيبة مصر وذابت أمام تردى كرامة عمالتنا بالخارج
تلك الأمور باتت تتراكم فى وجداننا لتكون بناءا صلبا من التفكير المنطقى القائم على المشاهدات العينية الصحيحة والسليمة .. بالتالى لم نسمع من أحد باننا نعانى البطالة .. نحن حقيقة الأمر نرى ذلك عيانا بيانا وبالتالى تصح القاعدة التى تقول : (أن ترى مرة خير من أن تسمع ألف مرة ) فى فى مسألة التأكد من صحة أى معلومة .. بالتالى أصبح عندنا معلومات يقينية وليست قائمة على الظن أو الشك بأن البلد فى حالة فساد متكاملة وبالتفكير المنطقى السليم نستنتج بأن الحل يكمن فى إسقاط النظام بالكامل لأنه سبب الفساد بشتى صوره .. وبات الرجل البسيط مدركا تماما بأن مبارك هو السبب فى تأخر زواج ابنته وانحراف ابنه وتدهور صحة زوجته .. منتهى البساطة والرقى فى التفكير العقلى المنطقى المبنى على معلومات سليمة وترتيبها ترتيبا منطقيا للحصول على نتائج صحيحة ويقينية

بنفس الكيفية المنطقية بدأنا نطبق تلك الحالة والمعادلة على مايجرى فى ليبيا حيث لايعانى الليبيون من أى مشاكل اقتصادية طاحنة أو صحية مميتة أو سياسية واضحة .. ولكنهم يعانون من حكم طاغية مغرور يقول أنا ربكم الأعلى ويعتقل الكثير من أبناء شعبه ويقتل ألف سجين فى يوم واحد بل ويعترف ويفتخر بذلك محبوه وأنصاره .. الحالة تبدو مختلفة لأنها ليست حالة كاملة مكتملة من الفساد .. إنه يبدو وكأنه ثورة للكرامة والعزة وتحدى جبروت شخص التهمه الغرور ليعلن على الملأ بأنه المجد والتاريخ ويمن على شعبه بأنه ولى نعمتهم .. بالتالى كان رد الفعل أن هذا الطاغية المتكبر لن يحكمنا بعد اليوم .. إنها مسألة كرامة شعب بدأ يطالب بالإصلاح فقط ووجد رد الفعل عنيفا متكبرا مستهينا بآدمية شعبة .. فى تلك الحالة لم أصدق قناة الجزيرة والعربية والقنوات الأخرى لعلمى المسبق بالعداوة بين القذافى والسعودية وقطر وبالتالى لم أتبين صحة خطاى المنطقية فى الوقوف مع ثورة ليبيا إلا بعد مطالعتى لخطب القذافى المجحفة والمليئة بالإهانة لشعبه والتكبر وتمجيد الذات و (التوكتوك) ولكن على الجانب الآخر كان الاستدلال المنطقى للآخرين هو مشاهد من قنوات فضائية مروعة عن وحشية نظام القذافى فى التعامل مع ثورة شعبة واستعانته بالمرتزقة ووو وبالتالى حدث لهم تصديق يقينى بتلك الأخبار (دون مطالعة ورؤية حقيقية مثلما حدث لنا عندما ذهبنا للتحرير) ولكن للأمانة ذهب عدد من اخواننا ليبيا وعادوا بانطباعات تروى لنا القصف الكبير وعناصر المرتزقة ولكن دون التهويل المتعمد من قنوات فضائية خليجية

منذ ذلك الحين تولدت عندى قناعة ذاتية بضرورة عدم أخذ أى مشاهد على اليوتيوب ومن أى قناة إخبارية مأخذ الجد أو الحقيقة اليقينية .. ببساطة كل المشاهد التى أشاهدها تحمل عنوان ذبح أو قتل أو ضرب فى اليمن او سوريا أو البحرين أو حتى مصر تمثل عندى حقيقة ظنية تحمل الكذب أو الصدق ولكن بنسب متفاوتة .. ومن منطلق كونى بردعاوى أصيل لم أعر اهتماما فى النظر إلى أى فيديوهات تحط من مكانة البرادعى أو وطنيته .. للاسف بات أى إنسان وبسهولة يستطيع إقناع أى إنسان بأى شيء من مجرد فيديوهات ومشاهد قتل لاندرى أين تحدث ..

وهنا يكمن السؤال : وماذا أفعل كى أتبين مدى حقيقة أو وهم معلومة معينة .. الحل بسيط ويكمن فى شيء واحد .. التجرد وهو ببساطة أن تضع نفسك فى المنتصف وتقرأ وتطالع المعلومات بين طرفى النقيض .. أن تدخل صفحة أنا آسف ياريس وتطالع أدلتهم وتدخل صفحة كلنا خالد سعيد وتطالع الأدلة المضادة وتطبق المعايير المنطقية السليمة لترجيح رأى عن رأى آخر وتحاول أن تسأل نفسك هذا السؤال
هل المعلومات التى حصلت عليها بخصوص أمر ما .. معلومات ظنية حتى لو بنسبة 90 فى المائة؟؟ أم هى يقينية بنسبة 100%

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق